عبدالله الأسمري
على غرار العديد من الأفلام الهوليودية لعام 2023 التي تناولت قصصًا حقيقية وسيرًا ذاتية، يأتينا فيلم المخلب الحديدي the» iron claw»، ويحكي عن قصة حقيقية بطلتها عائلة من أشهر العوائل في عالم المصارعة، ألا وهي عائلة فون أريك، العائلة المصابة بلعنة «آل أريك». وفي كواليس هذه اللعنة تبدأ قصتنا مع الأب فريتز أريك، المصارع ذائع الصيت في الستينيات بقوته وبحركته الشهيرة «المخلب الحديدي)، وهو يحاول أن يغرس في أبنائه حب المصارعة ليأهلهم للفوز بلقب بطل العالم للمصارعة، اللقب الذي لم ينجح في تحقيقه طيلة مسيرته الاحترافية.
كيف تشكلت لعنة آل أريك؟
شون داركين وبقبعة الكاتب قرر حكي القصة من خلال الابن الأكبر «كيفن فون أريك»، لنتتبع من خلاله علاقته وإخوته الثلاثة بوالدهم، صاحب الشخصية القوية والصارمة، بل الديكتاتورية، فهو يتخذ بالنيابة عنهم وبصفة غير مشروعة حق رسم مستقبلهم، فيحركهم كيف يشاء مستهدفًا في ذلك غاية الوصول لمجد عائلة «فون أريك»، ويرتب حبه لهم بقدر إنجازاتهم. ففي بداية الفيلم يوجد مشهد بديع على طاولة الإفطار، يعاتب فيه الأب ابنه الأصغر مايك لعدم التحاقه بمسار إخوته في المجال الرياضي. وبطبيعة الحال، هذه السلطة الأبوية المقيتة خلقت عُقدًا نفسية لدى الشبان الأربعة الذين شاهدناهم في عدة مشاهد يحملون قدرًا كبيرًا من الأفعال الصبيانية التي أثبتت أن هؤلاء الشبان ليسوا قادرين على أن يحققوا حلم والدهم في عالم المصارعة. الجدير بالذكر أن والدهم قد انتهج لهم مسارًا مغايرًا عنه، ووضعهم في الحلبة ضمن إطار الأبطال الصاعدين والمحبوبين جماهيريًا، الذين يواجهون أشرارًا في الحلبة لهم قدرة على الفتك بخصومهم، وربما هذه الميزة التي وضعها لأبنائه أكسبتهم قدرًا عاليًا من التقدير الجماهيري والتعاطف مع مآسيهم.
ولكن ما يعيب هذه السردية التي انتهجها الكاتب، هو تهميشها لشخصية الأم التي ظهرت في مشاهد معدودة ولم تحرك ساكنًا بها. ولمن تعمق في حكاية العائلة يعرف جيدًا أن الأم قد كان لها تأثير أوضح من ذلك، وأيضًا لم نتعمق أكثر في دوافع الأبناء حيال ما يجري لهم وتراكيبهم النفسية، ورد كل ابن على حدة على أفعال والده التي كانت تختلف ما بين الأبناء.
اكتمال العناصر الإبداعية للعمل
مما لا شك فيه، ومن أول فريم في الفيلم نرى صورة معبرة تحكي القصة بجمال وقدرة باهرة على جذب انتباه المشاهد، وجعله يترقب مصير هذه العائلة التي يتتبعها المخرج شون داركين بعدسة ناقدة تحلل كواليس هذه الفجائع التي ألمت بهم، مما جعل المشاهد في حيرة على من يلقي القدر الأكبر من اللوم: هل على الأب الذي همش شخصيات أبنائه وجعلهم منصهرين في قالب المصارع الذي يحمل لقب عائلة فون أريك؟ ولكن كان لجميع تلك القرارات نية صادقة في جعلهم أبطالًا قادرين على حماية أنفسهم من اللعنة المصاحبة لاسمهم؛ أم هل هي فعلًا لعنة أصابت العائلة الشهيرة بقوتها وبجماهيريتها آنذاك؟ وبالأخص أننا نشاهد نجاحات هذه العائلة بفضل ما اتخذه الأب من قرارات.
أيضًا الفيلم خلق هوية بصرية رائعة تحاكي أجواء السبعينيات والثمانينيات من الملابس وتصميم الديكورات والمواد الفيلمية المسجلة مسبقًا ومزجها بأخرى أصلية سجلت خصوصًا للفيلم، وصولًا للمونتاج المصنوع بحرفية عالية استطاع المخرج من خلاله أن يوصل مشاعر لم تكن لتصل لولا القرارات الجيدة التي اتخذها، خصوصًا في مشاهد الصدمات التي نفذت بطرق زادت من أثر الصدمة وجعلتنا نطرح العديد من الأسئلة حول انعكاس هذه الفاجعة داخل الحلبة، وشاهدنا ذلك بدمج عدة تقنيات في بعض المشاهد لإيصال مشاعر مثل: الصدمة، والفرح، والحزن، والألم، وغيرها.