طارق البحار
كيف يمكنك الحديث باختصار عن فنان الريغي الراحل بوب مارلي في فيلم ممتع للمشاهدة؟ خصوصًا أن حياة فنان موسيقى «الريغي» الرائدة قصيرة للغاية، لكن موسيقاه استمرت بلا حدود، حيث تتجاوز بكثير الجبال الزرقاء في موطنه جامايكا، ولا يزال هو أيقونة عالمية وسفيرًا للحرية بعد وفاته، وللثقافة الراستافارية بعد أكثر من 40 عامًا من وفاته.
كل ذلك مختصر في فيلم جديد باسم Bob Marley: One Love، مذهل جدًّا لعشاق النجم الأسطوري في السينمات، مع المخرج رينالدو ماركوس جرين الذي قدم لنا «King Richard» بعيدًا عن الأمور المعقدة. وعلى الرغم من أن الفيلم يعد بإخبار قصة محددة ثقافيًّا وسياسيًّا، باعتماده على حب الناس للنجم الكبير، فربما ذلك لم يعجب بعض النقاد، لبعض النقاط التي يجب لا يعتمد عليها صناع الأفلام.
شخصيًّا وجدت تجسيد الممثل البريطاني كينغسلي بن أدير، الذي سبق أن أدى دور مالكولم إكس، لدور البطولة من أهم نقاط نجاح الفيلم، فهو مناسب بشكل فريد لدور اللقب، خصوصًا أنه مثل مارلي “أفرو كاريبي” وأصوله من ترينيداديان، والذي قدم تجسيدًا جميلًا بصورة بسيطة جدًّا، وقام بن أدير بتقديم صوت مارلي بإتقان مع تركيز الكاميرا على وجهه خلال عروض الحفلات الموسيقية وبعض الحوارات.
ربما كانت زوجته «ريتا مارلي»، والتي قدمتها الممثلة «لاشانا لينش» من أفضل الشخصيات في الفيلم، وكيف كانت الداعمة الأولى له منذ البداية، وأيضًا في رعايتها لأولاده. ونتتبع قصة حياة مارلي جزئيًّا من خلال رومانسيته مع ريتا، وهي بمثابة قوة ثابتة له في جميع الأوقات، بالرغم من أن السيناريو لم يهتم تمامًا بالشخصية؛ فهو يجلب وظيفة مارلي الرمزية على الأقل في السياسة إلى جانب الموسيقى، وأفضل أغنياته مع فرقة الويلرز بعد انتقاله إلى لندن.
يفتح فيلم Bob Marley: One Love بنص يشرح الاضطرابات العنيفة في جامايكا في عام 1976، ولكن بدون تفاصيل جوهرية. قيل لنا إن هناك صراعًا بين أحزاب سياسية معارضة وقادة عصابات، على الرغم من أنه لم يتم إخبارنا لماذا، فقط أن مارلي يخطط للغناء بحفل “سلام” لتوحيد الأمة وأنه سيغير حياته، وسيكون من الجيد معرفة ما أثار هذه الاضطرابات، ولماذا كانت تعاني جامايكا التي كانت على شفا الحرب الأهلية، ولماذا يكون مارلي ضروريًّا وسط كل ذلك، ولكن هذا غير موضح بصورة شاملة أو جليَّة.
يضم الجدول الزمني للفيلم فترة طويلة تتراوح بين عامي 1976 و1978، ويتخلل ذكريات الماضي والخيال وهو نهج جيد تمامًا، حتى لو كان الفيلم محررًا في غضون بوصة من حياته وغير متماسكة من الناحية الهيكلية في بعض الأحيان. ومع ذلك، هناك طاقة حقيقية وطاقة موسيقية مع افتتاحه، وتضعنا في حياة مارلي الجامايكي، والتصوير السينمائي المتقن، الذي عيشنا في رحلة متتابعة في حركة مستمرة لبطل الفيلم من غناء، ورقص، وركض، وصناعة الأغاني.
يحاول في الأحداث ملك الريغي الضغط لجلب حضور مهدئ إلى أمته، ولكن وسط ذلك يعيش محاولة اغتيال لعائلته من قبل مسلحين يغزون منزله، ويقوم مارلي بالحفل الموسيقي، ولكنه ينطلق إلى لندن فورًا بعد ذلك، واستقر في وضع منخفض وكتابة ألبومه الأساسي «Exodus».
في هذه المرحلة، تأتي أغنية «Bob Marley: One Love» التي كانت كتابتها محورية بين المديرين التنفيذيين للأغاني والمديرين الذين لا يحبون فن تقديم الألبوم. ثم نحصل على مونتاج جولة ناجحة بشكل كبير مع اللقطة المطلوبة للأغاني التي حققت اسمه، ونشاهد مارلي ينتقل من إنسان ومغنٍّ معروف في تجسيد «بن آدير» إلى صورة مسطحة أحيانًا.
تخلت موسيقى مارلي عن الثقافة العالمية، على الرغم من أن ما إذا كانت رسالته قد تم الحفاظ عليها قابلة للنقاش، ويشمل «One Love» العديد من مشاهد دين راستافاريان مارلي وأدلته الروحية، هذه المشاهد قدمت بصورة أصلية على طريقة هوليوود بتمثيل عميق، ومع ذلك فأنت ترغب في قضاء المزيد من الوقت في هذه الثقافة لفهم سبب استدعاء مارلي إلى ذلك، وما قدمه له عندما كان شابًّا يبحث عن المعنى والأسرة، وفهم مبادئ «الراستافارية» التي كان يأمل في مشاركتها مع العالم.
روى مارلي قصة حياته من خلال موسيقاه وكلماته بشكل مدهش، وعند الاستماع إلى أغانيه، نفهم شيئًا أساسيًّا عنه، وهو حبه للموسيقى بالرغم من أي شيء. النقطة الرئيسة لفيلم Bob Marley: One Love، على ما أظن، هي أن تصل إلى أجيال جديدة وتقودهم إلى عبقري مثل بوب مارلي، والذي سيجدونه مثالًا للتحرر والانتقال من وإلى، وسيشعرون كما فعلت عندما كنت صغيرًا مضطرين إلى التعمق في الرجل الذي يقف وراء تلك الموسيقى، وسيصابون بصدمة كبيرة عندما يجدون شخصًا أكثر تعقيدًا ومثيرًا للاهتمام وأكثر عيوبًا إلى حد كبير من تلك التي في أذهاننا!