عبدالله أحمد الأسمري
الفيلم يستعرض لنا عثمان شخصية هامشية لا يعتد بمشاعرها أو آرائها، وعثمان اعتاد ذلك ووضع نفسه في أسلوب حياة رتيب يأكل نفس البيتزا ويشرب نفس العصير اللذين لهما دلالة على حالته المادية الضيقة، ويشاهد في الساعة السابعة من كل يوم نفس الوثائقي دون ملل، بل باستمتاع شديد كما تصفه الأغنية التي يستمع إليها دائمًا «إنه فجر جديد، إنه يوم جديد، إنها حياة جديدة لي وأشعر أنني بخير»، ويسكن عثمان مع صديقه فهد النقيض له تمامًا في شكله وأسلوبه الخالي من الرتابة مقارنة بعمل عثمان، وأيضًا فهد كثير الكلام وقادر على إبراز مشاعره بكل صدق، وعندما يتحدث عنها يتحدث بشغف واضح نراه في عينيه.
عثمان لديه تقاطعات في تركيب شخصيته مع ميرسو الغريب في رواية ألبير كامو، فهو رجل غير مبالٍ لما يدور من حوله حتى لو كان يلامسه شخصيًا، وأيضًا يحمل صفات من ترافس بيكل بطل فيلم taxi driver الذي تمرد على كل قوانين مجتمعه.
اعتمد صنع العمل على تقسيم الفيلم إلى ثلاثة فصول رئيسية: «قبل الهجرة بيومين»، «قبل الهجرة بيوم»، «يوم الهجرة»، وهذه الفصول الثلاثة ساعدت في تطور القصة، فمع كل فصل تزيد حدة المشاكل التي يواجهها عثمان؛ مما يجعله يكسر الرتابة التي كان عليها طوال أحداث الفيلم ويقرر الهجرة مع صديقه فهد.
الكاتب عبدالعزيز العيسى، برع في صنع حوارات عميقة وجذابة وتعلق بذهنك، وشخصيات بُنِيت بحرفية عالية وواقعية مبهجة، واستطاع تقديم كل ذلك في زمن قصير، وهذا مما يدعونا لتأمل جودة الكتابة في الفيلم، وما توج هذه الكتابة هو الإخراج الرائع من المخرج خالد زيدان، الذي خلق هوية بصرية متماسكة ساعدت في حكي القصة، فمن الكادرات الرائعة والتفاصيل المحكية بشكل بصري التي تجعلك أكثر ارتباطًا بها مما لو كانت مسموعة، وصولًا إلى اللون الأصفر الذي يغلب على تلوين الفيلم وهو لون من أقوى الألوان الفلسفية التي تحمل عدة معانٍ متناقضة في ذاتها منها الهدوء والاسترخاء، وعلى النقيض انعدام الراحة والقلق، وجميع تلك الصفات نراها في شخصية عثمان.
وفي الآخر أود أن أشيد بأداء الممثل أحمد يعقوب، الذي قدم أداء مبهرًا بإيماءات بسيطة تنم عن دراسة عميقة لشخصية معقدة كشخصية عثمان