سوليوود «متابعات»
تعرف السينما الأميركية باهتمامها بالإثارة والتشويق ودفع الأدرينالين في عروق مشاهديها، لكن الأفلام الأوروبية تستهدف نوعًا آخر من المشاعر والأفكار، وتجبر المشاهد على إعادة قراءة حياته وتقييم أهدافه.
ويبطئ «الفن السابع» في أوروبا من ركض المشاهد خلف الإيقاع المتسارع للأيام، ويدفعه لتقدير علاقات يعتبرها تحصيل حاصل، فيدعوه مثلاً لتذوق متعة الطعام الشهي، أو الخوف من الاكتئاب الذي يعزله عن محيطه، والتوقف عن البحث عن الدافع وراء كل شيء، وتفهم عشوائية العالم.
وقد قاومت أبرز الأعمال السينمائية الأوروبية تيار اللهاث والسرعة نتيجة لمواقع التواصل الاجتماعي والمآسي والحروب التي نتابع أحداثها لحظة بلحظة، واخترنا أدناه أفضل الأفلام الأوروبية خلال عام 2023 التي تستحق المشاهدة:
يبدأ الفيلم بعائلة صغيرة منعزلة في إحدى القرى الفرنسية، الأم كاتبة ناجحة بينما الأب يعلم في إحدى المدارس وقد هجر طموحه ككاتب بعد فقدان ابنه بصره نتيجة لإهماله.
الفيلم من إخراج المخرجة والمؤلفة جاستين تريت، والتي فازت عنه بالسعفة الذهبية لمهرجان كان، ووصلت إلى القائمة القصيرة لأوسكار أفضل فيلم دولي.
«Fallen Leaves»
عُرض العمل في «مهرجان كان السينمائي»، وحاز على جائزة لجنة التحكيم، وقدمته فنلندا لتمثيلها في أوسكار أفضل فيلم دولي، وقد وصل إلى القائمة القصيرة بالفعل. ويعتبر «أوراق متساقطة» أحدث إضافة إلى سلسلة أفلام المخرج الفنلندي أكي كاوريسمكي المعنونة «بروليتاريا» والتي بدأها عام 1986.
وتعمل بطلة العمل الشابة بشكل غير ثابت في أحد المتاجر، وفي أمسية تتعرف على عامل بناء يعيش مثلها على هامش المجتمع، ويدفن ملله وحزنه في شرب الخمور، وتبدأ علاقة رومانسية تنسج خيوطها بينهما على الرغم مما يقاسيانه على المستوى المادي والاجتماعي.
«The Taste of Things»
فيلم الدراما تاريخي الفرنسي من إخراج وتأليف آن هانج تران، وقد عُرض خلال المسابقة الرسمية لـ«مهرجان كان السينمائي»، وفيه فاز بجائزة أفضل مخرج، وقام بدور الطاهية يوجين الحائزة على الأوسكار جوليت بينوش، بينما أدى بينواه ماجيميل دور الذواق دودين الفائز بجائزة أفضل ممثل من مهرجان كان عام 2001، ويمثل الفيلم فرنسا في أوسكار أفضل فيلم دولي.
يحكي الفيلم عن فرنسا في نهاية القرن الـ19 وعلاقة آسرة بين طاهية طعام وذواق محترف، يعملان جنبًا إلى جنب لمدة 20 عامًا، يتذوقان طعم الحياة في كل شيء حولهما، في الخضراوات القادمة مباشرة من الحديقة إلى المأكولات البحرية الطازجة، ويخترع هو الوصفات وتطهيها هي كما لو أنها جنية تحقق أحلامه، وعندما تمرض يطبخ لها لأول مرة قائمة طويلة من أشهى الأطباق التي أتقناها سويًا من قبل.
«Bad Living»
الفيلم البرتغالي من إخراج جواو كانيجو وبطولة آنابيل موريرا، وريتا بلانكو، وعُرض خلال فعاليات مهرجان برلين السينمائي، وحصل على جائزة لجنة التحكيم، ويمثل بلاده في أوسكار أفضل فيلم دولي.
وتجري أحداثه في فندق على ساحل البرتغال، تديره وتعيش فيه عدة أجيال من نساء نفس العائلة، وينكشف مدى تدهور العلاقات التي تجمعهن عندما تصل الحفيدة التي فقدت والدها مؤخرًا. وتعاني الأم بيادين من اكتئاب مزمن، وقد توقفت عن محاولة مداواته منذ عقود، فتعيش مستسلمة لموات مستمر، ويبرز التصوير هذه العزلة بتصويرها على الدوام من مسافة بعيدة وحيدة وسط كادرات واسعة، أو يفصل بينها وبين المشاهد وباقي الشخصيات فواصل من الزجاج أو جدران وأبواب.
«Io Capitano»
تبدأ قصة الفيلم في أفريقيا على الرغم من جنسيته الإيطالية، فهو يتناول قصة شابين من السنغال يحاولان الهرب من الفقر في بلادهما عبر رحلة ملحمية إلى إيطاليا، يتنقلان خلالها بين عدد من دول القارة، ويختطف قطاع الطرق أحدهما قبل أن يجتمع شملهما، ويصيح البطل «أنا كابتن» معلنًا إمساكه بزمام حياته لأول مرة.
وجاء العرض الأول للفيلم بالمسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي، وفاز عنه المخرج ماتيو غاروني بجائزة أفضل مخرج والأسد الفضي، وبطله سيدو سار بجائزة أفضل ممثل شاب، ووصل إلى القائمة القصيرة لأوسكار أفضل فيلم دولي.
وتوحي قصة «أنا كابتن» بمغامرة كبيرة يخوضها البطلان، لكنه في حقيقته فيلم بسيط عن الصداقة والتضحية في أكثر صورها براءة بين اثنين من الشباب اللذين لم يتجاوزا بعد سن المراهقة وتلوثهما المصالح الشخصية وقيم المنفعة والنزعات الفردية، وأبرز ما ميزه تصوير مشاهد الصحراء على قسوة الأحداث التي دارت خلالها، وتمثيل البطلين سيدو ساو ومصطفى فال.