إيمان محمد
أيام قليلة وندخل عام 2024، وبما أن كثيرًا من دول العالم على أهبة الاستعداد لأعياد الكريسماس وأعياد رأس السنة الميلادية، ولطالما أن السينما القطاع الراصد والمعبر لكل ما في داخلنا، وكل ما يحيط بنا في هذا العالم وشريك، سلّط بأضوائه كثيرًا على هذه المناسبة وأبرز لنا طقوسها وتفاصيل استعداداتها، ونقل لنا مشاعر بهجتها حتى أصبح مرورها مكانًا لتبادل التهاني والتبريكات مع الديانات الأخرى وفرصة لتثبيت قيم الوسطية والاعتدال، ومحو التطرف الذي هو إحدى أدوات العنف والإرهاب.
كان كثيرًا ما يراودني وغيري سؤال بعد كل مرة نشاهد فيها فيلمًا عن طقوس الأعياد: أين نحن؟ ولماذا لم نصنع لأعيادنا تفاصيل تملؤنا سعادة وبهجة؟! هل لأن فعاليات الأعياد التي نمارسها اليوم لا تنفع للسرد السينمائي القائم في أصله على التشويق، أم أنها لم تجد كاتبًا يعبر عنها باحترافية ويستغلها ليصنع تفاصيل تشويقية؟ بالتأكيد كل شيء قابل للسرد، لكن لماذا لم تظهر حتى الآن موجة أفلام عربية تعزز فينا السعادة والبهجة؟ هل لأننا ما زلنا منشغلين بسرد همومنا وقضايانا ولم نصل بعدُ للإبداع في طروحات تعبر عن وصولنا لمستوى تحقيق الذات، أم لأننا ما زلنا تحت مستوى التعبير عن حاجاتنا الاجتماعية وهي مصدرنا الوحيد في الإلهام والابتكار في الأعمال؟ وإذا كان كل ما سبق صحيحًا، فكيف يتغير هذا الواقع ونحتفل بفيلم يحكي عن تفاصيل أعيادنا بإبهار وتشويق؟
في رأيي أننا حتى نصل إلى أعلى مرحلة في هرم الاحتياجات الأفضل، أن نبدأ فعليًا وواقعيًا في تقدير ذاتنا عندما نحتفل بالأعياد وبالرضى أساسًا عما نقوم به، والرضى لا يتحقق إلا إذا صنعنا بالأصل ما نريده ونراه يسعدنا دون مجاملات، ودون تأثر بأيديولوجية سيطرت على أفراحنا وأحزاننا وطريقة تعاطينا معها.
أو حصر ذاتنا في حزن دائم على طريقة بيت الشعر الذي يقول: «عيد بأي حال عدت يا عيد».
البعض يرى أن تقدير الذات في التعبير عن البهجة في الأعياد، هو موضوع قد ينزلق إلى موضوع الطبقية التي لا تعبر عن هموم ومشاكل كثير من الناس، مع ذلك أرى أن طقوس الأعياد الدينية ممكن أن تدخل ضمن أي قصة اجتماعية، فهي جزء لا ينفصل عن واقعنا العربي والإسلامي. يبقى الأهم هو التحرر من أيديولوجية كانت ترى في كل بهجة بدعة لتصنع لنفسها مكانة بين الأموات حتى ماتت إلى غير عودة.