هالة أبو شامة
يعد فيلم «ناقة» للمخرج مشعل الجاسر، هو أحد الأعمال السعودية الجريئة التي أنتجتها نتفليكس، بمشاركة «تلفاز 11»، لما يحملة من أحداث وتفاصيل تجسد معاناة المرأة السعودية مع العادات والتقاليد الصارمة.
على مدار ساعتين، جسدت الفنانة أضواء بدر، دور «سارة» الفتاة الأربعينية التي تخوض مغامرة مرعبة خلال يوم واحد، بعد أن تقرر الذهاب خِلسة مع حبيبها «سعد» الذي يجسده الفنان يزيد المجيول، لقضاء بعض الوقت في مخيم بالصحراء.
أحداث الفيلم متداخلة، ولا بد أن يكون المشاهد بدرجة عالية من التركيز ليستطيع أن يربط الخيوط بعضها ببعض، فالبداية غامضة؛ إذ يفتتح الفيلم مشهده الأول بفلاش باك لعام 1975، حيث يُقتل طبيب مصري في أحد المستشفيات بعد أن يساعد سيدة في إنجاب الطفلة «سارة» بطلة العمل، ورغم أن الرصاصة الأولى أسقطت الطبيب أرضًا، فإن المشهد انتهى دون أن نعرف المكان الذي استقرت فيه الرصاصة الثانية التي تم إطلاقها باتجاه الأم، مما خلق حالة من الترقب للمشاهد التالية له.
ولكي تعرف السبب الذي دفع والدها لقتل الطبيب، يجب عليك انتظار مرور ساعة كاملة من أحداث الفيلم، وهنا لجأ أيضًا صناع العمل للفلاش باك مرة أخرى.
الفلاش باك الذي استخدمه المخرج في الربط بين الأحداث، لم يتم توظيفه للربط بين زمنين مرت بينهما سنوات عديدة فقط، وإنما اسُتخدم مرة أخرى للربط بين أحداث لم يمر بينها سوى دقائق، وبفضل ذلك التكنيك ربما شعر المشاهد بربكة في بداية الأمر، إلا أن هذه الربكة سرعان ما تتبدد بمجرد أن يتضح السبب فيما بعض.
المغامرة المرعبة التي خاضتها البطلة، كانت متشعبة الأبعاد وجميعًا تنتهي بعقدة الخوف التي نشأت بداخلها منذ تلك اللحظة التي سمعت فيها دوي الرصاص بالمستشفى لأول مرة عقب لحظات من ميلادها، والتي كبرت وترسخت فيها يومًا بعد يوم نتيجة المعاملة الصارمة التي تلقتها من والدها طوال سنوات حياتها، والتي ولدت بداخلها مزيجًا من الكبت والغضب والتمرد.
من أصعب اللحظات التي عاشتها البطلة في مغامرتها تلك، هي المواجهة الشرسة التي حدثت بينها وبين الناقة الحاقدة، التي فقدت طفلها بعد أن صُدمت بسيارة «سعد»، لكن بفضل حِنكتها تتمكن «سارة» في الهرب والعودة لحياتها من جديد.
جرأة الفيلم لا تكمن في مشاهد القتل التي تضمنتها الأحداث، وإنما أيضًا في القصة ذاتها، التي أظهرت المجتمع بشكل ذكوري إلى حد كبير للتعبير عن مدى جمود بعض العادات والتقاليد. كما تطرق أيضًا إلى الكشف عن جانب مظلم تنوعت أوجهه ما بين تعاطي المخدرات والاتجار فيها، وما بين العنف والكذب، وغيرها من الصفات غير المحببة.
رغم الحالة السوداوية التي تخللها بعض الكوميديا خلال الأحداث، فإن صناع العمل أكدوا أن القانون هو الرادع الأول لكل هؤلاء، وأن قسوة الأب وصرامته لا تعني شيئًا أمام خوفه ولهفته على ابنته، وأن الغضب نهايته لا تحمد عُقباه.