محمد القاسمي
غالبًا الأفلام الشخصية المرتبطة بذكريات الطفولة والصبا، لها وقْعٌ خاص وجميل على المُشاهد، مثل فيلم «Roma» للكاتب والمخرج المكسيكي «ألفونسو كوارون»، والفيلم الرائع «Belfast» للكاتب والمخرج الإيرلندي «كينيث برانا».
«ألفونسو كوارون» و«كينيث برانا» كصانعَيْ أفلام نقلا ذكرياتهما إلى الشاشة بكمية من المشاعر الصادقة، وأنا كمُشاهد شغوف بالسينما أستمتع بهذه القصص الشخصية الجميلة التي ظلّت عالقة لسنوات في عقول وقلوب صانعيها.
الكاتب والمخرج الإيطالي «باولو سورينتينو» ذاع صيته بقوة بعد فيلمه «The Great Beauty» الذي حقق نجاحًا باهرًا على مستوى النقاد والجماهير النخبوية، واكتسح أهم الجوائز، ومنها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي في عام 2013.
في الواقع أنا لست من محبي أفلام «سورينتينو»، ولم يعجبني ذلك الفيلم، وأسلوبه في الإخراج غريب، كما لو أنني في حلم يقظة، أو أن أسير في أماكن متعددة وأتجول في المدن والشوارع والمتاحف وأستغرق في التأمل دون أن أعرف السبب.
فيلم «مشيئة الرب» هو الفيلم الاستثنائي الذي أعجبني قليلًا، لأنه أيضًا فيلم شخصي مستلهم من ذكريات الطفولة والصبا، مثل فيلم «Roma» وفيلم «Belfast»، وقد كان فيلمًا حالمًا ومؤثّرًا.
تدور أحداث الفيلم في مدينة نابولي في فترة الثمانينيات، مع وصول أسطورة كرة القدم اللاعب الأرجنتيني الراحل «دييغو مارادونا» للّعب مع فريق نابولي.
الفيلم أشبه برسالة تأبينية إلى روح «مارادونا» من خلال سكّان المدينة الذين يحبّونه كثيرًا ويفرحون بقدومه، وخصوصًا بطلنا الفتى المراهق «فابييتو سكيسا».
نعيش مع «فابييتو سكيسا» قصته، التي تبدأ بسعادة وانتعاش حتى تتحول إلى فاجعة ومأساة غير متوقعة، والتي هي أساسًا قصة «باولو سورينتينو» نفسه، وهو يسرد لنا ذكريات طفولته ومراهقته في مدينته الجميلة نابولي، مع والديه وإخوته وبقية عائلته وجيرانه، ويرينا شغفه بالحياة والرياضة والسينما، وكيف يقوده إلى تحديد مستقبله.
«باولو سورينتينو» أظهر في الفيلم هوسه الشديد بالكاتب والمخرج الأشهر في إيطاليا «فيديريكو فيلليني»، وبالفعل استشعرت في أفلامه أنه متأثر به كثيرًا. لقد أبدع في سرد القصة بكل بساطة، دون فرض الميلودراما والمشاعر المصطنعة، ولذلك ظلّ الفيلم عفويًّا وصادقًا بمزيج من الكوميديا والدراما.
جميع الممثلين قدّموا أداءً متميًزًا، وخصوصًا النجم الواعد «فيليبو سكوتي» بشخصية «فابييتو سكيسا»، والنجم «توني سيرفيللو» بشخصية والده «سافيريو سكيسا». التصوير كان جميلًا، وكذلك بقية الأمور الفنية والتقنية، وقد ترشح الفيلم لنيل جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي.