يوسف أبا
الفيلم الأول للأخوين قدس يحكي ما يشبه السيرة الذاتية عن طلبة يملؤهم الحماس لصناعة فيلم والنجاحات والإخفاقات التي يصادفها طموح الهواة. ولأن عرض الفيلم الجديد للأخوين على الأبواب، يصبح الوقت ملائمًا للحديث عن الفيلم الذي منحهم كل هذه الشهرة. «شمس المعارف» هو فيلم إثارة، ولمن سبق له بأي شكل العمل في مشروع فيلم مع أصدقاء في المدرسة، يستطيع بسهولة فهمه وإدراك ما يعنيه.
لم يكن «شمس المعارف» أول عمل للأخوين قدس، بل كانت لهما أفلام قصيرة وأعمال تلفزيونية، «شمس المعارف» كان أول فيلم روائي طويل لهما. موضوع الفيلم قد يبدو فيه القليل من الهوس بالذات، لكن الفيلم نفسه هو استكشاف أخاذ لصناع أفلام صغار السن شغوفين ومحاولات الهواة التي يبذلونها في سبيل ذلك. ينجح «شمس المعارف»، تمثيلًا وإخراجًا، في أسر وإمتاع المشاهد طوال الفيلم.
أبطال الفيلم كلهم في أجمل أداء، براء عالم يجسد بشكل رائع بطل الفيلم المراهق الطموح المندفع وغير المسؤول في ذات الوقت حسام الخياط. صهيب قدس نفسه يلعب دور المعلم الذي يشارك في الحماس لصناعة الفيلم، مستندًا على لعبه بدور صغير قديمًا في «طاش ما طاش» كاستحقاق لشهرة يدعيها. مصداقية الشخصيات تجعل من السهل التعاطف والتفاعل معها وهو الهدف الرئيس للفيلم.
يعتمد الفيلم على قدرته على تفاعل الجمهور مع مشروع الطلبة لصناعة الفيلم، حيث يشعرون بالفرح حين يتقدم المشروع، وبالقلق حين يتعرض المشروع للتهديد، وبالحزن حين يتم ازدراؤه.
تؤدي السوشيال ميديا دورًا محوريًا في الفيلم، يظهر ذلك حين تنتشر السخرية التي يقوم بها صاحب برنامج شهير من دعاية مشروع الفيلم الذي يعمل عليه البطل ويتسبب في ترك إحدى الشخصيات الرئيسية العمل في المشروع.
هذا الفيلم يبحث في مدى قسوة السوشيال ميديا وكيف يمكنها أن تحطم موهبة واعدة قبل أن تتمكن من التحقق والنمو.
الثناء الذي حصل عليه الفيلم كان مستحقًا، لأنه لم يستدعِ الملل ولو للحظة، لم يقل مستواه أو يحيد عن القصة والتجربة التي يريد التعريف بها. فيلم الأخوين قدس مملوء بالشغف، يحمل حبًا عميقًا لصناعة الأفلام التي يمكنني أن أقول بثقة إنها رؤية المخرجين. «شمس المعارف» يخدم الإشارة للمرحلة الجديدة والحديثة في صناعة الأفلام السعودية مثل «ناقة» وغيره من الأفلام التي صدرت بعده.
العنصر المتضمن الذي نخرج به من هذا الفيلم، هو أنه في هذا العصر الجديد هناك هذا الأمل الكامن الذي سيثمر في النهاية. الأمل في أن السينما السعودية ستقف بشكل موازِ ومساوِ لأقرانها في العالم العربي بدلًا من تنحيتها ومعاملتها على أنها أدنى من الأفلام المصرية أو اللبنانية على سبيل المثال.
مع عرض الفيلم الثاني للأخوين قدس في مهرجان البحر الأحمر للسينما، تمهيدًا لعرضه في دور السينما، تبدو الإجابة عن السؤال عما إذا كان النجاح الأول عبارة عن ضربة حظ، أو استمراريتهم وقدرتهم على نقل صناعة السينما بشكل عام إلى مستوى آخر.