عبدالرحمن الأنصاري
تخطط المملكة العربية السعودية لتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط والغاز، في إطار رؤية متكاملة تضع الدولة في مصاف الاقتصادات الكبرى بالاعتماد على القوة البشرية والإنتاجية، انطلاقًا من الاهتمام بقطاعات الصناعة المستدامة، والتي يعد من أبرزها قطاع صناعة السينما، الذي أثبت خلال السنوات الخمس الماضية جدارته على تحقيق هذه الأهداف بفضل الأرقام المحققة بالفعل في شباك التذاكر، التي تجاوزت الثلاثة مليارات ريال، فضلاً عن المداخيل الأخرى المصاحبة لعملية الإنتاج والتوزيع السينمائي، إذ كشفت هذه الأرقام أنه لا يخسر من يراهن على الاستثمار في صناعة السينما بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة المقبلة، بفعل الشغف الكبير للجمهور السعودي، الذي أثبت استعداده لدعم مزيدٍ من المنتجات السينمائية المتنوعة، وخير دليل على ذلك تحقيق فيلم مصري إيرادات تتجاوز أضعاف الإيرادات التي يحققها في شباك التذاكر المصري.
على سبيل المثال، حقق فيلم «شوجر دادي» من بطولة ليلى علوي وبيومي فؤاد، ما قيمته 164 مليون جنيه من خلال الشباك السعودي خلال ثلاثة أسابيع مقارنة بـ4 ملايين جنيه خلال الفترة نفسها في الشباك المصري، وبالتالي، فإنَّ الرهان على سوق السينما في السعودية رهان رابح دائمًا.
هذا بالنسبة إلى مرحلة العرض، أمّا مرحلة الإنتاج فالحديث يطول عن استثمارات وأرباح واسعة مع توفير آلاف فرص العمل وتشغيل شركات وطنية، سواء في الأعمال المحلية أو الأجنبية التي تختار مواقع التصوير السعودية لإنتاج أعمالها على غرار فيلم «قندهار»، الذي تخطى طاقمه 200 شخص، من بينهم 10% مواطنون سعوديون.
في سياق تنويع مصادر الدخل والترفيه، جرى إنتاج وعرض 31 فيلمًا سينمائيًا سعوديًا منذ افتتاح السينما في 2018، على رأسها فيلم «سطار» الذي احتل الصدارة ببيعه ما يقارب مليون تذكرة، وهو ما يشجّع على مواصلة الإنتاج المحلي والمنافسة في الأسواق العالمية.
النقطة المضيئة في هذا السياق هو تحوّل كبرى دور العرض نحو السوق السعودية، لا سيما أكبر شركة عرض سينمائي في العالم «إيه إم سي» التي تعمل في السوق المحلية بالشراكة مع صندوق الاستثمارات العامة لإنشاء مشاريع ترفيهية عديدة في المملكة، وهو ما يجعل الدولة موقعًا إقليميًا للإنتاج السينمائي؛ في محاولة لاستثمار مواقع التصوير المميزة.
إذا بقي أن نشير إلى أن المستقبل يبشر بسوق سينمائية آخذة في النمو مع التخطيط لإنشاء 350 دار عرض سينما بالمملكة، تضم أكثر من 2500 شاشة عرض، وذلك بحلول عام 2030، حسبما أعلنت هيئة الإعلام المرئي والمسموع، وهو ما يرفع الاستثمارات المحتملة لأضعاف المبالغ الحالية، في ظل سوق جديدة لا يزال في جعبتها الكثير لتقديمه للمشاهد السعودي، ولا يزال أيضًا لدى المبدعين طموحات لا سقف لها لإثبات جدارتهم الفنية.