سماح عادل
تشهد صناعة السينما في المملكة العربية السعودية تطورًا وتناميًا ملحوظًا، إذ زادت أعداد الأفلام التي أنتجت، وتحسنت نوعيتها والقضايا والموضوعات التي تتناولها، كما دخلت إلى الصناعة دماء جديدة. ومع اقتراب نهاية عام 2023، من المفيد أن نلقي نظرة على أداء السينما السعودية خلال هذا العام، للوقوف على مدى التطور والازدهار الذي شهدته.
أهم الأفلام
نبدأ باستعراض الأفلام السعودية التي لاقت نجاحًا ولفتت الأنظار ليس على مستوى المملكة فقط، وإنما على المستوى الخليجي والعربي والعالمي:
فيلم «الخلاط»
هو فيلم كوميدي، مدته: 118 دقيقة، مستوحى من سلسلة «خلاط»، إخراج: فهد العماري، وبطولة: فهد البتيري، إبراهيم الحجاج، صهيب قدس، محمد الدوخي، زياد العمري.
هو أحد الإنتاجات لمنصة Netflix، يتناول 4 حكايات اجتماعية متنوعة تشترك في أمر واحد هو الكذب. الحكاية الأولى تتناول لصين يحاولان إنقاذ صديق لهما. والحكاية الثانية تحكي عن طاهية تحاول إنقاذ علاقة والديها قبل أن تفشل تمامًا. والحكاية الثالثة تحكي عن صديق يحتفظ بسر صديقه وينوي دفن سره معه. والحكاية الرابعة تعرض قصة أب يخدع زوجته ثم يجد أن ابنه يخدعه هو أيضًا.
فيلم «الهامور ح.ع»
هو فيلم كوميدي وجريمة، مدته: 120 دقيقة، تأليف: هاني كعدور، وإخراج: عبدالإله القرشي، وبطولة: فهد القحطاني، خالد يسلم، إسماعيل الحسن، علي الشريف، فاطمة البنوي.
فيلم سيرة ذاتية يحكي القصة الحقيقية لأكبر نصاب في تاريخ المملكة العربية السعودية ويدعى «الهامور»، الذي كون في أوائل الألفية شبكة منظمة وكبيرة من النصابين، وبلغ عدد ضحاياه 40 ألف شخص حيث احتال عليهم بمبلغ 1.4 مليار ريال.
فيلم «سطار»
هو فيلم كوميدي، مدته: 100 دقيقة، تأليف: أيمن وتار، وإبراهيم الخير الله، وإخراج: عبدالله العراك، وبطولة: شهد القفاري، إبراهيم الخير الله، بدر المالكي، نايف المطيري، عبدالعزيز الشهري.
يعد فيلما كوميديًا مميزًا، حقق نجاحًا في شباك التذاكر في عام 2023، حكايته تدور عن البطل «سعد» الذي يريد أن يصبح ناجحًا وشهيرًا في عالم المصارعة، وحين تتاح له الفرصة تحدث له سلسلة من المفارقات الغريبة.
فيلم «عياض في الرياض»
هو فيلم كوميدي، مدته: 125 دقيقة، تأليف وإخراج: راكان، وبطولة: محمد العيسى، علي الدويان، عوض عبدالله، سعد المدهش، ربيع طه.
حكايته تتناول أبًا يوافق على إرسال ابنته للدراسة في الخارج، وعندما تعود يفاجأ بتغيير كبير في أفكارها، لكنه مع ذلك يحاول التفاهم معها، وتقريب أفكارهما، ووقتها يظهر شخص جديد في حياتهما وتنقلب أحداث حياتهما بسبب ظهور هذا الشخص.
فيلم «كورة»
وهو فيلم رعب وغموض قصير، مدته: 15 دقيقة، تأليف: زياد عثمان، وبطولة: ريم الحبيب، إبراهيم الخير الله.
تدور أحداثه في أحد الأحياء الريفية في الرياض، حيث يتسلل طفلان إلى داخل منزل جيرانهما الغامض، ويكتشفان وجود امرأة مخيفة محبوسة في هذا المنزل.
فيلم «الشاهد الوحيد»
فيلم كوميدي، مدته: 95 دقيقة، تأليف: علاء حمزة، وإخراج: أكرم فريد، وبطولة: ميلا الزهراني، فيصل الزهراني، أضوى فهد «أضوى شاكر”.
حكايته تدول حول مصممة أزياء شهيرة تُسمى «سارة» تلتقي بمعجبة لها وأثناء ذلك تصدم أحد المارة بسيارتها، وتطمئنها المعجبة بأنها ستتستر عليها، وتنتهز المعجبة ذلك لاقتحام حياة «سارة» واستغلالها.
فيلم «بين الرمال»
فيلم مغامرات ودراما وغموض، مدته: 115 دقيقة، تأليف وإخراج: مو العطاوي، وبطولة: فاطمة الشريف، رائد الشمري، أضوى فهد “أضوى شاكر”، عبيد الودعاني، مهند الصالح.
هو فيلم على مستوى عالٍ، يدور عن «سنام» شاب متزوج في انتظار مولوده الأول، يتعرض للسطو من قبل قطاع طرق خلال رحلة تجارية له، ثم يصبح ضائعًا ووحيدًا في الصحاري السعودية المخيفة، ومطاردًا من ذئب.
فيلم «ملك الحلبة»
هو فيلم كوميدي، مدته: 90 دقيقة، تأليف: سارة العليان، وإخراج: محمد سعيد حارب، وبطولة: ياسين غزاوي، مهيرة عبدالعزيز، سلمى أبو ضيف، أحمد اليداس، ناصر الربيان.
يتناول محنة شخص يتعرض للسخرية من المحيطين به، ويصفونه بالفاشل، فيقرر إثبات ذاته لكل من اتهموه بالفشل، فيقرر دخول عالم المصارعة وينجح ويصبح مصارعًا محترفًا.
إيرادات السينما السعودية
بالنظر إلى إيرادات صناعة السينما في السعودية، في النصف الأول من عام 2023 سنكتشف أنها بلغت النصف مليار ريال، وهذا المعدل يعد معدلاً منخفضًا بشكل طفيف عن نفس الفترة من عام 2022، والسبب في هذا الانخفاض تقليل أسعار التذاكر من قبل القائمين على التنظيم، مع ارتفاع أعداد بيع التذاكر عن نفس الفترة من العام الفائت.
حققت السينما السعودية خلال أول 30 أسبوعًا من عام 2023، بحسب «الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع» وبياناتها المعلنة، وبالتحديد حتى 23 يوليو «تموز»، 535 مليونًا و989 ألف ريال، في حين كان 582 مليونًا وأكثر من 717 ألف ريال في نفس الفترة من عام 2022. كما تحقق ارتفاع في مبيعات التذاكر بلغ عددها 10 ملايين وأكثر من 989 ألف تذكرة، بينما في 2022 بلغ 8 ملايين و868 ألف تذكرة.
وكان فيلم «سطار» أول الأفلام السعودية تحقيقًا للأرباح على مستوى شباك التذاكر، كما تصدّر عدد أسابيع العرض في السينما بالمملكة العربية السعودية، فقد بلغت إيراداته في 19 أسبوعًا من عرضه 40 مليونًا و650 ألف ريال، ومبيعات تذاكر بلغت 903 آلاف و705 تذاكر.
واكتسح فيلم «أوبنهايمر» شباك التذاكر، خلال الفترة من 20 إلى 23 يوليو 2023 على مستوى المبيعات، فقد بيعت 235 ألفًا و438 تذكرة، وحقق إيرادات خلال 4 أيام فقط، 15 مليونًا و98 ألفًا و502 ريال.
يُذكر أنه قد تطورت صناعة السينما السعودية على مستوى الإيرادات ومبيعات التذاكر منذ عام 2020، مع وجود 7 مشغّلي دور سينما في 20 مدينة، و69 صالة سينما تتضمن 628 شاشة و64 ألفًا و881 مقعدًا. كما أعلن عن افتتاح 10 صالات سينما جديدة 2023، تشمل 98 شاشة عرض.
ملتقى النقد السينمائي
فقد نظمت هيئة الأفلام في مارس 2023 أول ملتقى للنقد السينمائي في السعودية، وعقد معرض بينالي الفنون الإسلامية في جدة تحت شعار «الروحانية في السينما”، ثم نظمت الدورة الثانية من الملتقى تحت شعار “السينما الوطنية” في مايو 2023 في مدينة الظهران بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء” ومهرجان أفلام السعودية.
لم تتطور صناعة السينما في المملكة على مستوى جودة الأفلام المنتجة، وعلى مستوى نمو الصناعة وازدياد أرباحها فقط والعائد الناتج من وراءها، وإنما شمل التطور أيضًا الاهتمام بالنقد السينمائي.
ونظمت هيئة الأفلام السعودية، في نوفمبر 2023 مؤتمر النقد السينمائي، في مدينة الرياض، تحت شعار «ما وراء الإطار»، من أجل التعريف بالنقد السينمائي ومفاهيمه وتطبيقاته، من خلال مشاركة المتخصصين في النقد السينمائي، لعمل تبادل للخبرات، وإجراء حوارات فعالة في مجال صناعة السينما.
كما أقيم «منتدى الأفلام السعودي» في الفترة 1 – 4 أكتوبر 2023، نظمته هيئة الأفلام لعرض أحدث المشاريع الخاصة بالسينما السعودية، وجميع أنحاء العالم.
هذه المؤشرات تبشر بتطور لصناعة السينما في السعودية، يعتمد على دخول دماء جديدة من الشباب الواعد، الذي يحمل أفكارًا تنويرية لتطوير المجتمع السعودي، ورغبة في الكشف عن الخبايا والقضايا والمشكلات التي تخص المجتمع السعودي، على اختلافها وتنوعها. فهذه الأفلام التي أنتجت في 2023 تعكس تنوعًا على مستوى الطرح، وتعكس موجة من الأفكار التي تسعى لرصد وكشف وتحليل قضايا تشغل المجتمع السعودي، وتقديمها من خلال وجهة نظر الشباب الطموح.
كما تعكس التطورات على المستوى الاقتصادي وإقبال الجماهير على شراء التذاكر، ودخول دور السينما ومشاهدة تلك الأفلام الواعدة، نموًا للصناعة السينمائية مما يبشر بالاستمرار والتنامي، ويبشر بتوجه الجمهور السعودي إلى السينما التي تعالج مشاكله وقضاياه وتتسم بخصوصية مجتمعه وملامحه.
كما أن وجود العنصر النسائي، سواء على مستوى التمثيل أو الإخراج، يعكس تطور وضع المرأة السعودية وظهور جيل من الشابات الواعيات اللاتي يمتلكن رؤى وتوجهات مميزة.