أحمد أبو درويش
في حضوره اللافت، بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، قال النجم العالمي جوني ديب، إنه على السعوديين إذا أرادوا أن يقدموا سينما جيدة ومختلفة ألا يقلدوا ما يحدث في هوليوود، مؤكدًا أن المملكة بها مناظر جاذبة للسينمائيين، حيث الكثير من الغموض. وقدم النجم العالمي نصيحة للشباب السعودي، بأن عليهم الثورة على الأساليب الهوليودية «المبتذلة».
وانطلاقًا من كلمة «ديب»، علينا أن نتساءل عن هوية السينما السعودية، وهل يعبر المنتج الحالي عن الهوية السعودية؟ وما هي ملامح تلك الهوية؟
فلا شك أن الانطلاقة الأخيرة، المتوسعة في إنتاج الأفلام بدعم رسميّ، سيضع السينما السعودية على مصاف السينمات المتميزة، طالما التزمت بالجودة وتطبعت بطابع خاص بها.
وإذا كنا نعتبر بأن السينما السعودية، لا تزال سينما وليدة، فإنه خلال السنتين الماضيتين، شهدت تطورًا لافتًا؛ تطور من شأنه لو استمر أن يجعل للسينما السعودية رقمًا متقدمًا في السينمات العربية. فقد شاهدت، مؤخرًا، عددًا من الأفلام السعودية، ولفتني الاهتمام الكبير بمناقشة أوضاع المرأة السعودية، وهي القضية التي كانت أحد محاور «رؤية 2030» والتي شهدت توسعًا في توظيف النساء خلال الربع الثاني من 2023 بنسبة 34%.
ففي فيلم «حد الطار» الذي ناقش قضية اجتماعية، بعمقٍ شديد وبسعودة رائعة، وأقصد هنا نقل ملامح المكان وبيوت السعوديين في جنوب الرياض ومساكن البسطاء، نقلًا أشعرني أنني ما أزال أعيش في الرياض التي غادرتها منذ أربع سنوات. نرى قضية المرأة السعودية المحبّة التي تجد نفسها أمام مسؤولية كبرى بعد القبض على أمها.
كثيرة هي الأفلام السعودية التي ناقشت أوضاع المرأة، وعلى رأسها في عام 2023 فيلم «ناقة»، حيث نرى الشابة التي تدخل في مغامرة تختلس خلالها حريتها لساعات، حتى وإن قوبل الفيلم بجدل شديد في المجتمع السعودي، في مواجهة أفكاره أو الانتقادات التي طالت مخرج الفيلم بسبب الضوضاء البصرية التي تعمدها دون داعٍ، إلا أنها تجربة ناجحة وابنة بيئتها ومنحت الفيلم هويته السعودية، وفق القضية التي تعرض لها، ليصبح الفيلم إحدى علامات السينما السعودية.
أعتقد أن السينما في المملكة أمامها تحديات كثيرة بعضها يتعلق بمواجهة الانتقادات الاجتماعية والدينية، وهو أمر طبيعيّ واجهته ولا تزال تواجهه سينمات كثيرة، خاصة مع مراحل الانفتاح الحالية؛ وتحدٍّ آخر يتعلق بالصناعة ذاتها ونقل خبرات الخارج مع الاحتفاظ بالطابع والهوية السعودية، وهو أمر إذا نجح فيه صانعو الأفلام السعوديون واستمروا عليه لسنوات، فإنه من المؤكد سنرى أفلامًا سعودية تصل إلى منصات التتويج المختلفة.