نجلاء محمد
سنوات قليلة هي عمر السينما السعودية الجديدة التي حظيت بالانفتاح والدعم اللوجيستي، ولكن هناك قفزات على عدة مستويات جعلتها تقترب من قامة سينما مرت بعشرات السنين من الخبرة، وأبرز ما يلاحظ أن هناك احتضانًا كبيرًا للمواهب العربية ضمن الأفلام السعودية، وفي البداية قد تتخيل أنها استعانة بخبرات تدعم صناعة وليدة، ومحاولة للاستفادة ممن سبقوا في المجال.
لكن برهنت الأفلام السعودية في الأشهر الماضية، أن الموضوع لا يسير حسب هذه القواعد، ودللت على ذلك بفتح ذراعيها لمخرجين شباب واعدين من جنسيات مختلفة مثل المخرج الشاب المميز أبو بكر شوقي، صاحب فيلم «يوم الدين»، الذي تم اختياره ليكون مخرجًا لفيلم سعودي مئة في المئة، شكلاً ومضمونًا ونجومًا. فالفيلم دار في صحراء السعودية وحول رياضة الهجن، ولعب بطولته نجوم سعوديون أبرزهم عبدالمحسن النمر، وقد تتساءل كيف سيقوم مخرج مصري بتنفيذ عمل من قلب البيئة السعودية، وشارك في كتابته أيضًا سيناريست مصري هو عمر شامة، وتتعجب كيف أدار شخص من خارج السعودية “لوكيشن” صحراوي سعودي يدور حول تفاصيل شديدة الخصوصية، وقد تكون براعة المخرج والسيناريست والتحضيرات نجحت في خروج عمل متقن، لكن بالمقام الأول كسبت فكرة الانفتاح على جنسيات أخرى في الصناعة وفتح مجال النقاش، الرهان، وأكدت أن ما يحدث يعد خطوة ناجزة، وتخطيط مستقبلي ذكي في صناعة حديثة العهد لكنها شديدة الحنكة.
ولم يكن فيلم «هجان» فقط هو الفيلم الوحيد الذي أخرجه مخرج غير سعودي، لكن فيلم «حوجن» أيضًا عمل أكد أننا بصدد عهد الانفتاح والترحيب بمواهب غير سعودية داخل الصناعة الوليدة، وأخرج الفيلم العراقي ياسر الياسري، الذي تميز في عدد من الأعمال، ومنها عمل مصري هو فيلم «122» الذي حقق نجاحًا كبيرًا في دور العرض المصرية.
وكانت الاستعانة بالياسري لها وضع خاص، فقد حول أكثر رواية سعودية مبيعًا إلى عمل سينمائي مبهر، واستعان بنجوم سعوديين واعدين وحقق بهم معادلة شديدة الصعوبة ومنهم براء العالم ونور الخضراء، وحصلت الأخيرة على جائزة أفضل ممثلة شابة بمهرجان البحر الأحمر الأخير، ودارت الحكاية في جدة حول جن يكتشف أصوله ويحاول البحث عن جذوره في رحلة مشوقة. وكسبت السينما السعودية بضم موهبة مثل الياسري لتضيف رؤية جديدة لرواية وممثلين وموضوع من قلب الحكايات السعودية.
وربما كانت الاستفادة من مخرجين لهم أعمال هامة مثل الياسري وشوقي، معادلة مضمونة النجاح رغم هامش المخاطرة، ولكن المغامرة كانت أكبر وأخطر بوجود الممثل التونسي ظافر العابدين داخل الصناعة السعودية السينمائية كمخرج ومؤلف وممثل أيضًا، رغم أن له تجربة واحدة تعود لموطنه الأصلي وهي فيلم “غدوة”، لكن كما يبدو أن عصر السينما السعودية الجديدة يرفع شعار مرحبًا بالمغامرة وإتاحة الفرص للجميع.