عبدالله الأسمري
بعد عرض آخر الأفلام السعودية فيلم «ناقة» على منصة «NETFLIX» نرى تفاوتًا كبيرًا في الآراء والانتقادات حول الفيلم وهذا أمر طبيعي. مشعل الجاسر دائمًا ما كانت أعماله قطبية، فإن نالت استحسان شريحة من الجمهور، فقد لا تنجح مع الأخرى، وهذا يعود للأفكار الجريئة التي يطرحها وطريقة سردها بصريًا.
وهذه الحالة من النقد طرحت سؤالًا مهمًا دائمًا ما كان موجودًا في الساحة الفنية، ومع هذه الضجة على مواقع التواصل الاجتماعي برز بشكل أوضح.. وهو كيف ننقد الفيلم السعودي بحكم أنه في صناعة جديدة؟
من وجهة نظري، يجب أن نكون حريصين في نقد الأعمال السعودية، لأننا أمام صناعة لا تزال ناشئة ولم تكمل عقدها الأول، مخرجين وكتابًا تعتبر هذه تجاربهم الأولى وبداية لتشكل أصوات سينمائية نعول عليها كثيرًا في المستقبل القريب. فلا بد أن يكون النقد بموضوعية دون تحميل هذه الأفلام ما لا تطيق من توقعات فنية عالية أو إجبار المبدعين على أن يكونوا شديدي الواقعية في أعمالهم؛ لأنها مدرسة واحدة من ضمن عدة مدارس في السينما. وهذا ما لاحظناه، مؤخرًا، في الانتقادات الموجهة للفيلم السعودي أنه يتم نقد الفيلم دون النظر لسياقه، هل هو «فيلم جماهيري» يهدف في المقام الأول لجذب أكبر عدد من المتفرجين وإمتاعهم بقصة سهلة وطريقة سرد بسيطة لا تحتاج إلى تحليل وتفكير بما يطرح عليك كمتلقٍ، وهذا النوع هو ما نحتاجه الآن بكثرة لكسب ثقة الجمهور المحلي؛ أم هو «فيلم فني» يطرح قصصًا ومواضيع أكثر حدة بطريقة سرد مختلفة دون النظر لعائد مادي ضخم، وهذه العوامل تعطي حرية أكبر لفرض ذاتية المخرج وأسلوبه، وفي الغالب هذه الأعمال تكون موجهة للمهرجانات العالمية أو شريحة جماهيرية محدودة.
ولكن علينا أيضًا عدم التماس عذر بأننا في صناعة ناشئة ويجب التغاضي عن الأفلام السيئة وعدم نقدها، لأن هناك ما ينافي هذا الطرح بوجود أفلام محلية جيدة على جميع المستويات كتابة وإخراجًا وتمثيلًا وغير ذلك، وأيضًا ضد مقارنة تجربتنا السينمائية البسيطة بتجارب دول سبقتنا بعقود من الزمن مثل: السينما الإيرانية أو المصرية؛ فهذان المثالان لديهما صناعة قائمة ومستقلة بذاتها دون دعم حكومي مستمر، وصناع كسبوا ثقة الجمهور وجعلوهم مترقبين لأحدث إصداراتهما.
وفي الختام، نحن لا نزال في طور بناء صناعة حقيقية معتمدة على ذاتها، ولجعلها في المسار الصحيح لا بد من وجود نقد يقوم بفتح مساحة للنقاش وتبادل الآراء؛ مما يسهم في رفع الذائقة السينمائية.