سلطان فادن
على أعتاب نهاية عام 2023م، الذي لم يكن في جعبته الكثير من الأفلام الجيدة، يأتي المخرج مارتن سكورسيزي بفيلم قوي من عدة نواحٍ «Killers of the flower moon».
أولاً للدخول في مزاج الفيلم ينبغي شرح هذا الاسم الغريب. هناك نباتات جميلة في تلال ولاية أوكلاهوما الأميركية تدعى «زهرة القمر». في شهر مايو من كل عام، تحيط بهذه النبات المزهرية، نباتات أخرى أطول منها، مما يتسبب في موت زهرات القمر. وعليه، فإن شعب أوساج من السكان الأصليين في أميركا، يسمون هذا الشهر بمقتل زهرات القمر. هذه نصف الحكاية، وهذه هي الطبقة الأولى.
سكورسيزي صنع الفيلم بالتعاون مع كاتب السيناريو الشهير إيريك روث، صنعوه من عدة «طبقات» مع معالجة درامية مميزة لم نرها من سنوات.
الطبقة الثانية للفيلم المقتبس من رواية مبنية على شخصيات وأحداث حقيقية، كانت طبقة النوايا والطمع لمجموعة من الاستغلاليين من العرق الأبيض، مع تخطيط مبيت للنيل من آخر معقل لقبائل ممن دعوهم بالهنود الحمر.
هؤلاء الأصليون تم تجميعهم في هذه الولاية وتمتعوا على أثرها بثراء كبير من عائدات النفط في فترة العشرينيات الميلادية «قد يكونون الأغنى حينها في أميركا». حملوا حقدًا على الثراء هو الأحقر، ولم تثنهم عنها علاقات المصاهرة والزواج، بل استغلوها.
الطبقة الثالثة هي تركيبة الغموض والإجرام والعنصرية النظامية ضمن قصة الفيلم «وهي تقنيات يعتبر سكورسيزي معلمًا فيها».
فيلم الحقبة وإن كانت مدته ثلاث ساعات ونصف، إلا أنه جاء متماسكًا في أحداثه وعالي التشويق ضمن قصة رائعة ومؤثرة. أداء الممثلين ممتاز، عدا ليوناردو ديكابريو، الذي وإن كان تقمص شخصيته بشكل جيد، إلا أنه في كامل الفيلم لم يكن أداؤه متماسكًا.
معلومة: جاء في الفيلم أن نسبة من السكان الأصليين أصيبوا حينها بمرض السكري. وهذه حقيقة، نتيجة لتغير نمط الحياة الذي اعتادوه، ومع الثراء وأسلوب الحياة «الحديث» من أكل وقلة حركة، حتى أطلقوا عليه حياة «البيض».
أخيرًا، صدور هذا الفيلم في هذا التوقيت متزامنًا مع الأحداث السياسية والإسقاطات التي ساعدت في نجاحه وقبوله، هل يا تُرى صدفة، أم قراءة مستقبلية، أم مخطط له؟ عالم السينما غامض.