سوليوود «خاص»
أثار فيلم الدراما والتشويق السعودي «ناقة»، موجة من الجدل بالوسط الفني عقب عرضه عبر منصة «نتفليكس»؛ حيث تباينت الآراء حول العمل ما بين مؤيد ومعارض لحبكته ورؤية كاتبه ومخرجه «مشعل الجاسر»؛ فالبعض يرى أنها قصة ترفيهية ودرامية جيدة، هذا الاتجاه الذي كان من بين مؤيديه الممثل والكاتب السعودي «فهد البتيري»، والمخرج المصري «يسري نصرالله» والمخرج والكاتب «مالك نجر»؛ بينما جاءت أراء فريق أخر من مشاهير الوسط، والمختصين مغايرة للاتجاه السابق؛ إذ يرون أن صناع العمل والدعاية التشويقية له وضعوه في قوالب لا تناسبه؛ ويرون أنه قصته كانت لا تتعدى فيلم قصير.
كما أكد هذا الفريق المعارض لحبكة العمل وأسلوب كاتبه الذي وصفه بعضهم بالأسلوب الصارخ، أن العمل ينضم لقائمة الأعمال التي تخصص للعرض في المحافل خاصة أن من يشاهدها مختصين وخبراء بالسينما، ولا ينتمي لفئة أفلام الجمهور التي تُعرض عبر الشاشات والمنصات. بجانب تأكيدهم على أن سيناريو الفيلم بشكل عام يحمل رسائل سلبية تخالف الضوابط الأخلاقية الشرقية وتدفع الشباب لخداع ذويهم.
اتجاه مؤيد لأفكاره وصناعه
جاء في مقدمة الفريق المؤيد للعمل الممثل والكاتب السعودي «فهد البتيري»؛ حيث علق على الفيلم عبر منصة «X»، قائلًا: «أن الأعمال الترفيهية الهدف الوحيد المرجو منها هو المتعة فقط؛ ليس من مسؤوليات صانعها إيصال رسالة هادفة أو معالجة قضية معينة ولا بالضرورة عكس صورة دقيقة لمجتمع بأكمله».
ووافقه الرأي المخرج المصري «يسري نصر الله»، الذي أشاد بالفيلم السعودي خلال عرضه في مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وكتب عبر صفحته الخاصة بـ«فيس بوك»: «تأكدت إن السينما السعودية فيها مخزون حكايات عمرنا ما شوفناها وفيها مخرجين عندهم حرية وغضب وروح تمرد السينما العربية محتاجة لها. فيلم ناقة مدهش لمخرج شاب عنده أسلوب متفرد ومليان حيوية وعنف وخفة دم، ومعاه فريق ممثلين وفنيين رموا نفسهم في مغامرة مجنونة ورائعة».
وأرجع «صهيب قدس»، الكاتب والمنتج والممثل السعودي، سبب حالة الامتعاض التي انتشرت لدي البعض تجاه الفيلم إلي القصة والأسلوب السردي، إذ جاء تعليقه عبر منصة «X»، قائلًا: «شاهدت بعض التعليقات السلبية على العمل، التي دفعتني للتعليق، ممكن طريقة تقديم القصة والاسلوب السردي سبب الامتعاض، ولكن بوجهة نظري الفيلم تحفة بصرية، والاسلوب الإخراجي فريد من نوعه».
فريق معارض لمضامين الفيلم
على الصعيد الأخر فقد رأى فريق ثاني أن العمل كان من الأجدر أن يكون فيلم قصير مدته لا تتجاوز ثلاثون دقيقة نظرًا لقلة أحداثه والتي كان يمكن اختصارها لتحمل عنصري التشويق والإثارة التي ينتمي إليها العمل كما هو مُصنف بشكل فعلي يتماشي مع الحبكة. كما يري بعضهم أن العمل ينضم لقائمة الأعمال التي تخصص للعرض في المحافل الثقافية لصناع محتوى يشاهدها مختصين وخبراء بالسينما، ولا ينتمي لفئة أفلام الجمهور التي تُعرض عبر الشاشات والمنصات. بالإضافة لرفضهم رؤية مخرج العمل التي أكدوا أنه كانت تحمل نوعًا من التعاطف مع بطلة الفيلم في أفعالها الغير مناسبة لأخلاق الشرق وتتوافق مع الأفكار الغربية؛ وذلك حينما قررت التحايل على والدها والخروج مع صديقها دون علمه بعد إيهامه بأنها تخرج للتنزه برفقة صديقاتها، وخداعها له في نهاية العمل مرة ثانية حين أوهمته أنه كانت داخل محل الحلوى وأًصيبت خلال حادث الحريق؛ ما دفع والدها للتعاطف معها واصفين ذلك بأنه محرض سلبي للفتيات والشباب لخداع ذويهم بحجة قضاء أوقات ترفيهية مع أقرانهم.
حيث رأى الكاتب السعودي سلطان الموسى، أن الاتجاء المؤيد لفكرة أن الأعمال الترفيهية هدفها تحقيق المتعة فقط لايجعل هذه الأعمال بمعزل عن النقد، خصوصًا في حال عدم تحقيقها للمتعة المرجوة منها، وكتب خلال تعليقه على الفيلم عبر منصة«X»، قائلًا: «لا يصح تستطيح وعي المشاهد بحجة أن العمل الترفيهي البسيط كان أكبر من إدراكه لذلك لم يعجبه».
واستهل الكاتب والناقد الفني السعودي رجا ساير المطيري، حديثه خلال تعليقه على الفيلم بعبارة: «للأسف فيلم ناقة، لم يبتعد عن توقعي المسبق». وتابع عبرصفحته الخاصة على منصة«X»: «يقتلني مشعل الجاسر باستعراضه البصري الذي بلا معنى. قصة تبدأ جيدًا ؛ لكنها تتوه بسبب كاميرا تدور بلا سبب، وتقسيم زمني لا يضيف للمعنى، وزوايا تصوير غريبة فيها كسر غير واعي لقواعد لغة الصورة». وأرفق تعليقه بتغريدة سابقة له حول الفيلم.
وفي تعليقه على العمل يقول المخرج السعودي «فهد الشيباني»، أنه شاهده وكان متحمسًا له كعمل سعودي؛ لكنه رصد أكثر من مشكلة أثناء متابعته تصدره الملل من القصة وفقدانها أكثر من مرة، بالإضافة إلى أنه يرى أن بعض المؤثراتتم استخدامها في غير سياقها بالعمل. وتابع في تعليقه عبر منصة «X»: «في مشهد السيارة الحرص على الاخراج ضيع علينا وجيه و تفاصيل الممثلين بكادر من الخلف مايل طول الوقت الصدق ازعجني».
ويشاركه الرأي الكاتب والفنان «أحمد الأحمري»، حين أكد أن الفيلم على مستوى الأفكار والمضامين والكراهية لم يعبر عن صحيحها وبطلانها، وهي غير ناضجه ولا تستطيع الدفاع عن نفسها. وعلى مستوى النص فهو ضعيف ومهزوز؛ وتابع خلال تعليقه على العمل عبر منصة : «أسلوب كاتب العمل ومخرجه الصارخ أخرس أشياء كثيرة كانت تستطيع التعبير، وعمومًا تجربة جيدة في سياق حداثة التجربة».
وفي مراجعته النقدية للفيلم أكد الكاتب المتخصص في الشأن السينمائي رياض القدهي، خلال مقالة تحليلة نقدية كتبها عن العمل بموقع ثمانية الفني، أن مشهد البداية شكّل لديه انطباعًا سلبيًا لأنه من أكثر الأفكار التي حُلِبت مرارًا وتكرارًا في أفلام الرعب والتشويق، علاوة على أن الموسيقى العالية التي غلبت على معظم مشاهد العمل وخاصة مع وصولهما إلى المخيم ترتفع زيادة، تدخل المشاهد في طور «التمطيط»، وأيضًا، تجربة الصوت كانت متذبذبة، ففي مرات تكون ممتازة وتأثيرها جيد، وفي مرات تصبح عشوائية. كما رصد الملاحظة نفسها على بعض المشاهد التصويرية، حيث تشعر بأن الكاميرا تتحرك لبناء مشهد غامض، لكن عشوائية التنفيذ تخرجك من جو الفلم.
قصة الفيلم وصناعه
كان «مهرجان تورنتو السينمائي»، قد شهد العرض العالمي الأول للفيلم، وفازت من خلاله الممثلة السعودية أضواء بدر بجائزة المهرجان. وتم عرضه على هامش «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في دورته الثالثة بجدة. وهو يعد أول بطولة مطلقة لـ«أضواء الفهد»، وأول فيلم طويل للكاتب والمخرج مشعل الجاسر. وشارك الفنان السعودي يزيد عبدالله المجيول، في بطولة العمل، الذي جاء من إنتاج عدد من الشركات، من ضمنها «تلفاز11»، و«موفي تاز» و«ستديو»، والفيلم تم تصويره في صحراء الرياض.
وحبكته تروي قصة شابة تقطّعت بها السبل في الصحراء بغية أن تعود إلى منزلها، قبل فترة حظر التجوّل، وتهديد العقاب الشديد من والدها الصارم؛ لكنها تتعرض خلال رحلتها للعديد من المواقف الصعبة ومنها مخاوف ومشاعر الانتقام التي تلاحق هذه الشابة على مدار الأحداث وذلك بعد ظهور جمل صغير أمام السيارة التي تصطدم به وتقتله.