طارق البحار
«What Happens Later».. عودة ميغ رايان بالرغم من كل شيء!
من منا لا يحب مشاهدة نجمة أفلام الرومانسية من أواخر الثمانينيات والتسعينيات ميغ رايان، التي قدمت لنا مجموعة من أجمل الأفلام الكوميدية والرومانسية التي لا تخرج من الذاكرة مثل: «When Harry Met Sally» و«Sleepless in Seattle» و«You’ve Got Mail». وبالرغم من ظهورها المنقطع بالتلفزيون ولحظات «الفلاش باك» الأرشيفية في فيلم Top Gun: Maverick، غابت رايان عن الشاشات الكبيرة والصغيرة منذ فيلم الجريمة الدرامي Ithaca عام 2015، الذي أخرجته أيضًا.
في العام الجاري عادت رايان إلى الإخراج، وتشارك نجم مسلسل «إكس فايلز» المحبوب ديفيد دوشوفني في بطولة فيلم «What Happens Later»، الذي ربما نحتاجه اليوم مع الأجواء الباردة، وفيه شاركت رايان أيضًا في كتابة السيناريو، الذي يستند إلى مسرحية «Shooting Star» لستيفن ديتز عام 2008.
الجزء الجميل من فيلم «What Happens Later» هو رؤية ميغ رايان تفوز بقلوبنا مرة أخرى دون عناء، حيث تلعب دور ويلهيلمينا «ويلا» ديفيس، روح متحررة تعمل كممارسة صحية، وتكتب أرقام الهواتف داخل لسان حذائها وتحمل حرفيًا مظلتها، وهي تتجول حول مطار إقليمي لم يذكر اسمه، مع توقف جميع الرحلات الجوية بسبب «إعصار»!
الوقت في «سنة كبيسة»، وكما هو الحال مع الحظ وصناعة السيناريو، فإن حب ويلا الجامعي منذ فترة طويلة، ويليام «بيل» ديفيس الذي يلعب دوره دوشوفني، الذي هو أيضًا عالق في المطار بسبب العاصفة. يغمضان أعينهما، ونبدأ في لقاء ثنائي يحدث على مدار ليلة طويلة وعاطفية ومسلية إلى حد ما، ولكن في النهاية مرهقة، حيث يعيد بيل وويلا النظر في الجروح القديمة، ويتعلمان بعض الحقائق الصعبة والمذهلة عن بعضهما البعض، تذكر لماذا وقعوا في الحب في المقام الأول، يمكن تصديق أن رايان ودوشوفني كانا في الخمسينيات من العمر، وكانا يحبان بعضهما البعض ذات يوم، وتركا بعضهما البعض بقوة شديدة، والآن يجدان أن حياتهما لم تسر تمامًا بالطريقة التي خططا لها، وما زالا يثيران أعصاب بعضهم البعض، لدرجة أن بيل يقول: «حتى معاملتك الصامتة تكون صاخبة»، ولكن هناك أيضًا حب حقيقي، وجو من الندم العالق حول سوء الفهم الذي أدى إلى انفصالهما طوال تلك السنوات الماضية. «هل تساءلت يومًا، ماذا لو؟» تقول ويلا.
كل شيء جيد ومثير للاهتمام حتى الآن مع عشاق الرومانسية في السينما، ولكن «ماذا يحدث لاحقًا» أو What Happens Later، ونعلم أن ويلا ساحرة بفكرها، في حين أن بيل هو شخص ساخر عملي يلعب وفقًا للقواعد، حتى عندما لا يكون هناك من يفرض القواعد، لكن زخارف الخيال تتعارض بشكل صارخ مع الحوار الواقعي.
بالطريقة التي يقدم بها رايان هذه المشاهد كمخرجة، نبدأ في التساؤل عما إذا كان هذا مجرد خيال، أو قصة تدور أحداثها في نوع من الأمنيات، أو أنه من المفترض فقط أن نقبل هذه التطورات الغريبة. عندما يرن صوت المطار، «عزيزي راكب بوسطن ديفيس: لا تفقد قلبك»، ما الذي يحدث حتى؟ لدى بيل عادة القول بأن الأمور «غير مستدامة»، وربما كان يشير إلى الفيلم نفسه. هناك بعض اللحظات الجميلة، كما هو الحال مع رايان ودوشوفني ورقصهم على أنغام أغنية «Pure» لفرقة Lightning Seeds، بينما يتساقط الثلج في الخارج، ولكن مع مرور ساعة و40 دقيقة، يثبت فيلم «What Happens Later» أنه فيلم «بارد» خفيف يتناسب مع الأجواء الباردة في الغرب!
لعل أجمل ما عجبني شخصيًا في الفيلم شرارة الكيمياء بين النجمة المحبوبة ميغ رايان وديفيد، تذكرنا بأفلام الكوميديا الرومانسية الأفضل، على الرغم من عدم تطابق أي منها تمامًا مع الأفلام التي اشتهرت بها رايان. يعتمد الفيلم على المحادثة، تمامًا مثل فيلم When Harry Met Sally أو فيلم Before Sunrise، على الرغم من أن كليهما يتميز بميزات أفضل بكثير. يسأل بيل ويلا عما إذا كان قد فشل في تربية الأبناء؛ لأنه حذر ابنته من أن تصبح راقصة محترفة، تذكر ويلا بيل أن اتباع أحلام المرء هو الطريقة الوحيدة للعيش.
الشخصيات في الفيلم لديها الشد والجذب بين طابعه العملي وبين أسلوبها الفني بصيغة كلاسيكية، وبصورة مسرحية.
ومع ذلك، من الواعد أن نرى قصة حب فرصة ثانية تظهر على الشاشة مع شخصين ليسا في الثلاثينيات من العمر، لكن فيلم What Happens Later يقدم المزيد من تألق رايان، حيث أصبح المطار مكانًا مناسبًا بين حياة ويلا وبيل، بدلاً من أن يكون جسرًا مؤقتًا بينهما، في حين أن وداعهما يثبت أنهما لا يزال لديهما المزيد ليقولاه، فإن الفيلم لا يسمح لهما أبدًا بقول ذلك بشكل كامل.