إيمان محمد
تناولت السينما العربية مواضيع عديدة شأنها في ذلك شأن السينما الغربية، فكما تميزت السينما الغربية بمواضيع تهتم بجانب الخيال العلمي واكتشاف الفضاء واستشراف المستقبل، اهتمت السينما العربية بمواضيع تحاكي الصراعات الفكرية والأيديولوجية والروحية التي عايشتها منطقة الشرق الأوسط، فكان للتصوف والإسلام السياسي محطة برزت فيها مجموعة كبيرة من الأفلام التي غذت السينما العربية والشرق أوسطية،
وبأكثر من فكرة وبأشكال متعددة اهتم صناع الأفلام لتقريب المشاهد من الواقع القريب للتصوف.
فبرزت أفلام السيرة الذاتية لرواد التصوف أشهرها فيلم «رابعة العدوية» العابدة الزاهدة التي أسست مذهب الحب الإلهي في التصوف الإسلامي، وفيلم «طريد الفردوس» صاحب الكرامة الجسدية بكوميديا دينية ساخرة عرج فيها توفيق الحكيم على المجتمع الصوفي. إضافة إلى ما سبق، يأتي فيلم «قنديل أم هاشم» ليحيى حقي كمحطة مهمة في ذاكرة السينما بقصة الصراع بين العلم والجهل والتعلق بالمقامات والأولياء وما ينتج عنه من تخلف ورجعية وآثار سلبية. لم تكن مصر الدولة الوحيدة في هذا الطرح، كذلك شاركت العراق في تصوير الفيلم الوثائقي «الوضوء بالدم» الذي تناول الأيام الأخيرة من حياة الشاعر الصوفي «الحلاج».
وساهمت السينما التونسية أيضًا من خلال ثلاثية الصحراء «الهائمون» و«بابا عزيز» و«طوق الحمامة المفقود» بالغوص في عمق الصوفية بعد أن دخل فيلم «طوق الحمامة المفقود» ضمن قائمة أفضل 100 فيلم عربي في القرن العشرين. وللقائمة انضمت تركيا وإيران لتأسيس سينما صوفية ضمت هي الأخرى العديد من الأفلام المروية بثقافتهم.
ومع تصاعد أحزاب الإسلام السياسي وما نتج عن هذا التصاعد من انعكاس على الحياة الاجتماعية، وانتشار للتطرف والإرهاب، وانغلاق كلي للحياة الاجتماعية؛ تفاعل كتاب السيناريو في أكثر من فيلم لمعالجة وتحليل هذا التصاعد عبر مجموعة من الأفلام مثل: «الإرهاب والكباب، وطيور الظلام، وجواب اعتقال، والتكفيري» وغيرها من الأفلام التي استغل نجومها شعبيتهم في توجيه الوعي العام للتحذير من خطر الإرهاب والتطرف، ليصنعوا بذلك موجة سينمائية جديدة تختص بـ«الإسلام السياسي».
قسمت هذه الموجة الجمهور بين مؤيد ومعارض، مؤيد لتضمين الكاتب أفلامًا تحكي أفكاره ورأيه بشكل عام عن الدين والسياسة والمجتمع من خلال السينما وهذا حق مشروع، وآراء معارضة لكون السينما فنًا وأن تضمين الأفلام بأفكار أيديولوجية ما هو إلا نوع من التوجيه يستدعي الحذر والحرفية في تقديمه بشكل فني يبتعد عن الخطابة والتنظير والحوارات التي تهوي بالعمل. هذا لا يعني أن نقدم واقع مشاكل مجتمعنا بشكل مثالي أو بصورة تلقينية مباشرة بقدر ما يحث على توجيه العمل السينمائي نحو الاحترافية.