إيمان الخطاف
صنَّاع الأفلام السعوديون قبل «منتدى الأفلام السعودي»، ليسوا هم كما بعده، وهذا يعني أننا ندخل الآن مرحلة جديدة ومختلفة كليًا، ومن حضر الجلسات الحوارية في المنتدى يدرك ذلك جيدًا، فجميعها تقاطعت في نقطة البحث عن سلم الوصول إلى الجمهور العالمي، والجوائز العالمية، والمنصات العالمية.. كنا نسمع كلمة «العالمية» أكثر من كلمة فيلم في بعض الحوارات، بما يعكس وقوفنا على مرحلة سينمائية جديدة، تتجاوز عصر التأسيس والبدايات.
ويبدو حديث ستيف تشونغ، الرئيس التنفيذي لشركة «CJ ENM» الكورية، في جلسته خلال المنتدى مثيرًا للتساؤلات، حين قال «إن سرعة نمو الأفلام السعودية يجعلها تقترب من العالمية، وأنها ستكون حاضرة في حفل توزيع جوائز الأوسكار بعد ثلاثين عامًا من الآن». وهذا التنبؤ المستقبلي الحالم يلقي السؤال: هل الأمر مسألة وقت فعلاً؟
كما أن هناك تساؤلات أخرى تسبق حديث تشونغ: هل صنَّاع الأفلام السعوديون مستعدون لدخول هذه المرحلة؟ وهل نضجت التجربة السينمائية المحلية إلى الحد الذي يسمح لها بالقفز بحثًا عن الأضواء العالمية؟ إن أجبنا وخططنا لذلك، فهذا يعني أن هناك رؤية سينمائية واضحة المعالم، كي يبدو الأمر ممكنًا وليس مجرد عبء ثقيل يشعر صُناع الأفلام بمسؤولية تحقيقه.
نحن اليوم نعيش مرحلة المشاركة في المهرجانات السينمائية العالمية، وفي ذلك مكسب كبير سبقته الكثير من الخطط، لكنه ليس الهدف الأساس. ولعل رؤية مؤسس مهرجان أفلام السعودية أحمد الملا تبدو متزنة جدًا هنا، حين قال: «ذهاب الفيلم إلى المهرجانات ليس دليلاً على النجاح؛ لأن الوجود في أي مهرجان هو المحصلة النهائية، لكن الأهم يأتي قبل ذلك».
عبء العالمية قد يرهق صُناع الأفلام الذين للتو دخلوا إلى هذه الصناعة، خاصة ونحن نتحدث عن صناعة محلية قائمة على الشباب بنسبة كبيرة جدًا. والورطة الكبرى حين يعمل صُنَّاع الأفلام على تصميم أفلام تحاكي الجمهور العالمي، أو تناشد ما يفضلون مشاهدته بهدف الوصول إليهم، بما يجعلهم يبتعدون عن سرد القصص المحلية الأصيلة، وينسلخون من جلدهم. خاصة أن كلمة «العالمية» في حد ذاتها مطاطة، بين من يراها تعني مشاركة الأفلام المحلية في المهرجانات الكبرى، ومن يرفع سقف المطالب إلى منافسة هذه الأفلام على جوائز عالمية واقتناص هذه الجوائز.
ولنا أن نتخيل المشهد بصورة مغايرة، فلا توجد نقاشات تتناول «كيف تصل الرواية السعودية إلى العالمية؟ أو كيف تصل الأغنية السعودية إلى العالمية»، على الرغم من أن عددًا وفيرًا من الأعمال الغنائية والروائية وصلت فعلًا إلى جمهور عالمي من كل حدب وصوب، بلا تخطيط مسبق، لأن التركيز كان على العمل نفسه وليس على فهم خلطة العالمية.
خلاصة القول، العمل الفني أيًا كان، فيلمًا أو رواية أو أغنية أو لوحة أوغيره، متى ما ارتفعت جودته وحسه الإبداعي فسيجد طريقه لكل جمهور العالم، هم من يبحثون عنه دون الحاجة للبحث عن الطريق السري والخلطة السحرية، ومن الضروري أن يقتنع صناع الأفلام بذلك كي يتخففوا من عبء التنافس بين أقرانهم على العالمية، ويعيشوا نشوة الاستمتاع بصناعة فيلم جيد.
أمَّا الوصول والانتشار وعرض الفيلم في صالات السينما العالمية، فهذه كلها خطط تسويقية تلي الفيلم ولا يُمكن أن تسبقه. وبالضرورة أيضًا أن يكون المشاهد السعودي هو الرقم الأول في ذهنية صناع الأفلام المحليين، وجذبه هو المطلب الأهم قبل أي جمهور آخر، ومتى ما رافق ذلك جائزة أو احتفاء عالمي، فأهلاً وسهلاً.