عمر غازي
تطور صناعة السينما في العالم العربي يُعتبر أمرًا هامًا جدًا، ورغم المحاولات ما زال يواجه إشكاليات تكررت عبر تاريخ هذه الصناعة، ومنها تلك المشكلة التي تتمثل في شح المنتجات السينمائية الإبداعية. ومع وجود عوامل عديدة للنجاح تكاد تكون متاحة بسهولة، مثل الثراء الكبير من التجارب الناجحة في مجال السينما وتنوعها، والإمكانية الواسعة للوقوف على أبرز الممارسات والاستفادة منها، إلا أن الواقع يبدو مختلفًا تمامًا.
علاوة على أن المشكلة الرئيسية تكمن في تكرار النمط نفسه، وهو نمط الاستنساخ والقص واللزق والتعريب بدلًا من السعي نحو خلق مسار جديد يعبر عن هويتنا الثقافية والاستفادة من الخبرات والممارسات الناجحة المتراكمة. ينتج هذا التوجه السلبي أحيانًا عناصر سينمائية تبدو مكشوفة بشكل جلي، وقد تصبح أحيانًا في مثل هذه الحالات نقطة سوداء في تاريخ السينما العربية.
لكن: هل هناك أمل في تجاوز هذا المأزق؟ نعم، يمكن أن يكون هناك أمل. ولعل خير مثال جيد على ذلك هو تجربة السينما اللبنانية التي نجحت في إنتاج أعمال سينمائية فريدة من نوعها، مثل فيلم «كفر ناحوم»، الذي فاز بجائزة كبيرة في مهرجان كان السينمائي. هذا الفيلم استطاع برعاية هذه التجربة اللبنانية الفريدة أن يجمع بين الجودة الفنية والتعبير عن القضايا الاجتماعية بشكل مميز.
بالإضافة إلى ذلك، يمكننا الإشارة إلى نموذج آخر وهو تجربة السينما المصرية الحديثة التي أنتجت أفلامًا تعكس الروح الفنية والإبداعية، مثل فيلم «يوم الدين» الذي تم اختياره للمنافسة على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي لعام 2018؛ فهذه الأعمال تستند إلى القصص الأصيلة، وتستخدم تقنيات سينمائية متقدمة دون اللجوء إلى الاستنساخ البسيط.
ومن خلال تلك التجارب يمكن القول إن إنقاذ صناعة السينما في العالم العربي وجعلها تزدهر بشكل دائم، يتطلب من المبدعين وصانعي القرار السينمائيين تبني نهج جديد يركز على الإبداع والتجديد، وتوجيه الاهتمام نحو تطوير السينما العربية بشكل أصيل يعبر عن هويتنا وقصصنا الفريدة. يجب أن نتعلم من الخبرات الناجحة دون تكرار الأخطاء التي أدت إلى الاستنساخ العقيم.
وأخيرًا، يتطلب دعم الإبداع والتنوع في السينما العربية أيضًا، تتكاتف كافة أطراف الصناعة لإنشاء بيئة مشجعة للمواهب الجديدة والمبتكرة، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال.