نرمين يسر
ليس بالضرورة أن تبحث عن الهدف من وراء المسلسل، لكن الضحك نفسه هو الهدف. كان مسلسلاً سعوديًا بكل ما يحتويه من أفيهات سعودية حسب قِدمها أو حداثتها تدور بين ثلاث أجيال: الجدة والأب والأبناء.
يحكي المسلسل الجديد «بيت طاهر» الذي عرض في السادس من سبتمبر الجاري، وهو مسلسل قصير من 6 حلقات أنتجته منصة نتفليكس الأصلية، قصة عائلة فريدة من نوعها، حيث يتمتع كل فرد منها ببعض الخصوصيات، ولا يوجد سوى القليل من الاتفاق والتفاهم بينهم، والنتيجة هي أن الأسرة لم تكن يدًا واحدة أبدًا ودائمي الاختلاف.
في السنوات الأخيرة، قُدمت العديد من العروض بمختلف جنسياتها حول تعقيدات الديناميكيات الأسرية، خاصة في الأفلام والمسلسلات الكوميدية، ويقدم لنا «بيت طاهر» نسخة سعودية عن عائلة مجنونة تضم أفرادًا انتقائيين.
فهي عائلة تجد نفسها على بُعد أسابيع قليلة من إفلاس متجرها المخصص لبيع السمك منذ القرن الخامس عشر – كما كُتب على يافطة معلقة بباب المتجر- ويسعى أبناء الأسرة في البحث عن عمل تجاري ناجح في مدينة جدة لإنقاذ الأسرة، لتبدأ رحلة مليئة بالأحداث الكوميدية والمغامرات الفوضوية المضحكة التي تحمل طابعًا سعوديًا بامتياز.
يحاول يوسف «الهاشمي الفيصل» إخفاء خبر فقدانه لوظيفته عن زوجته عايدة، ولن يعود إلى منزله حتى يجد مصدر دخل ثابت، لكنه يضطر إلى العودة لمحل والده لبيع الأسماك الذي يكره إدارته. علاوة على ذلك، فإن متجر الأسماك مدين بالفعل، ويريد والده جمعة «محمد البخش» منه ومن شقيقته عزيزة «جود السفياني» التي تخطط للدراسة بالخارج أن يعتنيا بالمتجر. يعرف يوسف بوجود عشبة طبية من شأنها أن تدر عليه الأموال بعد أن قررت إحدى شركات الأدوية طرحها بالأسواق؛ عشبة تسمَّى الحبسة، فما كان عليه سوى الحصول على رخصة زراعتها وبيعها. نتابع ما تفعله «الحبسة» بالرجال بوضوح أكثر على مدار المسلسل، لكنه ليس بهذه الأهمية في النهاية. ما يهم هو الشخصيات وكيف تتأثر علاقاتهم الشخصية بإدخال الحبسة في حياتهم، حيث يشعر جمعة، رئيس أسرة طاهر بخيبة أمل في ابنه يوسف، لأنه لا يريد المضي قدما بإدارة متجر الأسماك الخاص بالعائلة، إذ إن يوسف مصاب بحساسية الأسماك ويشمئز من رائحتها. ومع ذلك، لا يقتنع جمعة الذي سئم من كل ذلك، أنه الأب العجوز الغاضب، الذي لم يبق فيه أي قوة. فمنذ أن ماتت زوجته لم يعد كما كان؛ فتزوج من امرأة أخرى، لكن تلك الرغبة الجنسية اللطيفة لا تزال بعيدة عن الرجل العجوز. هنا يأتي دور العشبة الغامضة، التي كانت علاجًا سحريًا لمشاكل الجميع.
يستعين المصور بكاميرته المحمولة في أسلوب وثائقي ساخر، فلا توجد أي خدعة من نوع «كسر الجدار الرابع»، وتدفق القصة لا يحتوي على تلك المعدات الإضافية لجعل الأمور مثيرة للاهتمام مثل الشخصيات غير المثيرة للاهتمام، ولا تدعو للتعلق بها والإيمان بما تفعله؛ وهذه مسؤولية المخرج سلطان عبدالمحسن، فهناك جمعة ويوسف وعزيزة وحماة جمعة في منزل طاهر. هذه هي العائلة المباشرة، لكن هناك كريم أيضًا، الذي يعمل بائع زهور وهو كالأخ ليوسف، وهناك لين وعايدة أيضًا. بشكل عام، ستة هي الحد الأقصى لعدد الشخصيات، التي يمكن للجمهور عادة متابعتها. لكن شخصيات بيت طاهر سبعة في البداية حيث بدا الجميع مهمين، لكن في وقت لاحق بدا عدد قليل من الشخصيات زائدًا عن الحاجة.
كتب السيناريو ياسر حماد عن شخصيات عشوائية، على سبيل المثال، فإن جمعة كان عضوًا في فرقة موسيقية ويعزف العود، بل غنى في إحدى الحلقات، فلماذا جاءت معرفة المشاهدين لهذه المعلومة متأخرة، أو لماذا تم ذكرها من الأصل. كنت أتوقع سيناريو متماسكًا يحتوي على خبرات الكاتب عن مدينته جدة التي نشأ فيها، فما كان منه سوى أن أشار إلى متجر السمك كنوع من القصص التراثية.
إنما أردت التعبير عن إعجابي بفكرة وجود فريق عمل يضم أجيالاً متعددة من السعوديين، وقد أتاح فرصة للحوار بين الأجيال من المشاهدين في وقت تمر فيه البلاد بتغييرات كبيرة من التطور والإنجاز على جميع المستويات، والمستوى الفني خاصة.