أمين صالح
«النجمة الساطعة» Bright Star (2009)، للمخرجة النيوزيلندية جين كامبيون، فيلم رومانسي دافئ، بجمالية بصرية أخاذة، وتكوينات رائعة، تحت إدارة المصور الشاب الموهوب جريج فرازر.
الأحداث تدور في بريطانيا العام 1818، حيث تعيش فاني «آبي كورنيش»، التي لم تبلغ العشرين بعدُ، مع أمها الأرملة وأخيها وأختها. في الجوار، يقيم الشاعر الشاب جون كيتس «بِن ويشو» مع صديقه. وعلى الرغم من تقاليد المجتمع المحافظة والصارمة، فيما يتعلق بالعلاقات العاطفية، ورغم معارضة أمها من جهة، وصديقه من جهة؛ فإن العلاقة بين الشاعر وفاني تتنامى على نحو سريع وجارف.
ثلاث سنوات هي الفترة الزمنية التي يتناولها الفيلم، وهي الفترة التي شهدت تبرعم عاطفة الحب بين العاشقين، وتوهجها، ثم انطفاءها مع موت الشاعر في إيطاليا، مصابًا بمرض السل، وهو في الخامسة والعشرين، قبل أن ينال الشهرة، وقبل أن يتزوج حبيبته.
كيتس كان مهووسًا بالشعر، طموحًا جدًا، ولم يكن يشعر بارتياح مع النساء لاعتقاده بأنهن لا يشعرن بانجذاب إليه، هو الفقير المعدم؛ ولذلك كان يسخر من الحس الرومانسي والحب من أول نظرة. لكن كل هذا تغيِّر منذ التقائه بـ«فاني».
ولأن الزواج، في حالتهما، كان مستحيلاً، فقد وجدا في الرسائل المتبادلة متنفسًا للمشاعر الجياشة، من ولهٍ وشوقٍ ورغبة. الرسائل وأشعار كيتس «عنوان الفيلم مأخوذ من إحدى القصائد»، إضافة إلى سيرة كيتس التي كتبها أندرو موشن، شكَّلت أساس الفيلم.
كامبيون تعترف بأنها لم تلتزم بدقة بالسيرة الذاتية، وأنها أضافت من تأليفها بعض التفاصيل. القصة مروية من وجهة نظر فاني، الخياطة. لذلك، فإن العالم الذي نشاهده هو العالم الذي تراه وتشعره وتختبره المرأة.. المرأة التي تعبِّر عن نفسها من خلال الخياطة والتطريز.
حبهما لم يكن من النظرة الأولى، فانطباعه عنها من اللقاء الأول أنها فارغة؛ تهتم بالأزياء ولا تحب الشعر. وقبل أن يقع في غرامها يشرع في تعليمها الشعر بناءً على رغبتها في تذوُّق قصائده.
قبيل أن يموت، اختار كيتس أن يُنقش على شاهد قبره هذه الجملة: هنا يرقد من كان اسمه مكتوبًا بالماء.
كائنان مبدعان، كلٌّ في مجاله، هو في الشعر، وهي في التطريز. يلتقيان للحظة وجيزة، وخاطفة؛ لكن يواجهان مراوغات الحياة وتعقيداتها، والكوابح الاجتماعية والقيود الثقافية.. وكأن كل هذه الضغوطات لا تكفي، حتى يأتي المرض القاتل، ومعه يأتي الموت ليقضي على البراءة والنقاء.
جين كامبيون قدَّمت عددًا من الأفلام الهامة، من أبرزها «البيانو» «1993»، الذي حاز الجائزة الكبرى في مهرجان كان.
أمَّا هذا الفيلم «النجمة الساطعة»، فقد حاز العديد من الجوائز، وبالذات في التصوير، وتصميم الملابس، وتصميم المناظر.