سوليوود «خاص»
نجحت الأفلام التفاعلية في كسر قوالب الأفلام السينمائية المعهودة، وخلق نمط جديد من الأعمال الإبداعية الفريدة، التي انتشرت بشكل لافت، مؤخرًا، عبر المنصات وجذبت الجماهير إليها. وينفذ هذه النوعية الخاصة من الأفلام فريق متخصص من صناع السينما، الذين يتصدرهم مخرج الأفلام التفاعلية، ويكون أكثر خبرة من مخرج أفلام السينما المعتادة في التكنولوجيا الحديثة والمحتوى الرقمي المتطور؛ إذ يعتمد بنسبة كبيرة على العنصر الرقمي الذي يمكنه من جعل المتلقي يتفاعل ويؤثر في الأحداث ويتحكم فيها بذاته.
خوارزميات الذكاء الاصطناعي
تعدُّ تقنيات الذكاء الاصطناعي، أبرز الأدوات التي يعتمد عليها مخرج الأفلام التفاعلية؛ إذ تمكنه من إضفاء لمسات إبداعية وخيالية للأعمال بخطوات بسيطة وسريعة.
كذلك تمكنه من تحفيز خيال المُشاهد ليشارك في قصص تلك الأعمال بتخيل أحداثها ونهاية قصصها التي تشبه إلى حد بعيد ألعاب الفيديو التي يتحكم فيها المستخدمون؛ ما يمنحها طابعًا مميزًا ومثيرًا للمتلقي.
ويوفر مخرج الأفلام التفاعلية خيارات مميزة خلال عمليات مشاهدتها، وذلك بتمكين المتفرج من اختيار نهاية القصص، واختيار مسار الأحداث وتحركات الأبطال.
مؤهلات المخرج التفاعلي
يدرس مخرج الأعمال التفاعلية تخصصًا ذا صلة بمجال الفن في الجامعات والمعاهد المتخصصة، ويكون لديه قدر كبير من الكفاءة والقدرة على ترتيب وتنظيم الأعمال الإدارية والفنية. كما يكون صاحب خبرة كبيرة في التعامل مع تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي، وبرامج الجرافيك بمختلف أنواعها.
إضافة إلى امتلاكه لموهبة قوية وحس فني في مجال الإخراج والإبداع الفني بصفة عامة؛ ما يمكنه من فهم طبيعة الشرائح المختلفة من الجمهور، وما هي تطلعاتهم في الأعمال الناجحة.
اختصار الوقت والتكلفة
قد يتصور البعض أن إنتاج الأفلام التفاعلية يحتاج إلى نفقات وتكلفة إعداد ضخمة مقارنة بنوعية الأفلام الأخرى، لكن الواقع عكس ذلك تمامًا. فخلال تنفيذ هذه الأفلام لا يعتمد المخرج على الممثلين الحقيقيين «الدوبلير»، لأداء المشاهد الخطيرة، ولكن يعتمد على العنصر الرقمي ما يقلل من قيمة النفقات. كما تعدُّ عمليات إنتاج هذه الأفلام قصيرة الأجل؛ ما يوفر الوقت والمجهود. ولا تحتاج كذلك إلى الاستعانة بُمعدات سينمائية كثيرة تُكلف المنتجين مبالغ ضخمة مثلما يكون الحال خلال عمليات إعداد الأفلام السينمائية المعهودة.
أفلام تفاعلية شهيرة
«Black Mirror: Bandersnatch»: في إطار درامي مشوق تقع أحداث هذا الفيلم في عام 1984، إذ يبدأ مبرمج شاب بالشكِّ في الواقع، وهو يقتبس أحداثًا من رواية خيالية مُظلمة لابتكار لعبة فيديو. الفيلم متعدد النهايات، ومليء بالمغامرات الشيقة.
الفيلم التفاعلي الفائز بجائزة الإيمي لعام 2019 عن أفضل فيلم تلفزيوني، هو من إخراج: ديفيد سليد.
«KARMA»: يعُدُّ أول فيلم تفاعلي عربي. يمكِّن مخرج العمل المشاهد من اختيار مسار الأحداث بنفسه، ومع كل خيار تأخذ القصة مسارًا مختلفًا. وتحكي قصته الأساسية عن شاب تونسي يعثر على كراسة سوداء ملقاة على قارعة الطريق، يدفعه الفضول لأخذ الكراسة وتصفحها ليكتشف بها سرًا مفاده أنه بمقدور أي شخص أن يقتل شخصًا آخر بمجرد كتابة اسمه فيها.
الفيلم التفاعلي التونسي المستوحى من سلسلة المانجا اليابانية Death note، للمؤلف تسوغومي أوبا، ومصمم الرسومات تاكيشي أوباتا؛ هو من إخراج: سيف بن عمار.
الفيلم التفاعلي وصالات السينما
نظرًا لنجاح الأفلام التفاعلية في جذب قطاع عريض من الشرائح المتنوعة للمشاهدين عبر المنصات التي تعرض مثل هذه الأفلام؛ ظهر الكثير من الدعوات من جانب الخبراء والمهتمين بصناعة السينما في الآونة الأخيرة التي تطالب بدمج هذه النوعية من الأفلام في صالات السينما؛ ليتمكن صناع الأفلام من تحقيق مكاسب توازي حجم نفقاتهم على الأفلام من خلال شباك التذاكر. كما يرى هؤلاء الخبراء أن يُساهم وجود هذه النوعية من الأفلام التي لاقت إقبالاً جيدًا من المتابعين عبر المنصات، في تطوير قطاع السينما، والاستفادة بشكل واسع من الطفرة التكنولوجية الحديثة.