عبدالرحمن الأنصاري
عبَّرت السينما على مر العصور عن نفسها بوصفها أداة قوية لمد أواصر التواصل الثقافي بين الشعوب، واعتمدت على رسائل الأفلام كوسائل فعالة لنقل الأفكار والقيم والأعراف بين المجتمعات المختلفة، وزادت من فهمنا لأنفسنا وللآخرين؛ وهو ما ظهر جليًا في كثير من الأعمال السينمائية المتنوعة، التي اهتم بعضها بتعزيز الوعي العام حول القضايا المجتمعية والبيئية، وبعضها بتأصيل تاريخ الأمم.
وخير دليل على الدور المحوري الذي تلعبه السينما في تنمية الوعي العام حول القضايا المذكورة آنفًا؛ هو ما شاهدناه في فيلم بيكسار الشهير «البحث عن النيمو»، الذي يروي قصة سمكة مهاجرة بحثًا عن ابنها المفقود؛ ليس فقط قصة مغامرات تحت الماء، بل هو أيضًا وسيلة فعالة لتوعية الجماهير حول قضايا البيئة، والحفاظ على الحياة البحرية.
وفي السياق عينه نجد فيلم «12 عامًا من العبودية» للمخرج ستيف ماكوين، فهو يعدُّ نقطة تحول في تاريخ السينما الأميركية؛ إذ ركَّز الفيلم على تجربة العبودية من خلال عيون الشخص الذي عاشها بالفعل. ويمكن الجزم بأن فيلم «ماكوين» ساهم بشكل كبير في توسيع فهمنا وإدراكنا للتاريخ الأميركي من خلال تجارب إنسانية حية.
بجانب كل ذلك، لم تغفل السينما أيضًا عن صنع عناق فريد بين الواقع والمأمول فيما يخص أحلام المجتمعات السوية بالقضاء على التوترات الاجتماعية التي تنشأ بسبب الفجوات بين الطبقات؛ وهو ما حاول صنَّاع فيلم «باراسايت» الكوري الجنوبي، الذي حاز الكثير من الجوائز، ومنها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم، إظهاره من خلال استكشاف وتحليل عميق للفجوة الاجتماعية والاقتصادية بين الطبقات في المجتمع الكوري الجنوبي؛ إذ اعتمد الفيلم بالكامل على السينما كأداة للتعبير عن التوترات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
بالإضافة إلى هذه الأمثلة، هناك العديد من الأفلام التي استخدمت السينما كوسيلة فعالة ومعبرة عن القضايا الثقافية والاجتماعية والسياسية. وسواء كانت هذه الأفلام تسلِّط الضوء على القضايا البيئية، أو التاريخ الأميركي، أو التوترات الاجتماعية؛ فإنها تثبت أن السينما هي أكثر من مجرد وسيلة للترفيه – إنها أداة قوية للتعبير الثقافي.