عماد بن محمد العباد
لا أعتقد أن ثمة فناً أبدعه العقل البشري يضاهي في متعته ومدى انتشاره وتأثيره قوة الصناعة السينمائية. لا المنتجات الأدبية ولا الفن التشكيلي والنحت ولا حتى الغناء والموسيقى مع ما في هذه الفنون من متعة بصرية وحسية مذهلة، تستطيع أن تنافس الجماهيرية الساحقة للفن السابع وما يرتبط به من منتجات أخرى، كالمسلسلات وغيرها.
السحر الذي تتمتع به هذه الصناعة جعلها لاعباً اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً مهماً، وما يمنح هذه الصناعة نقطة قوة إضافية هي أنها مجال استثماري لا يستهان به، خصوصاً إذا ما حققت معادلة النجاح التي تتكون من حبكة متقنة وممثلين بارعين وإنتاج احترافي.
فيلم Avatar على سبيل المثال حقق أرباحاً تجاوزت 1170 % إذ حصد ما يقارب 2.8 مليار دولار في حين كلف إنتاجه حوالي 237 مليون دولار، وفي عام 2021 حققت صناعة الأفلام في العالم أرباحاً بلغت 101 مليار دولار؛ مما يجعل من هذه الصناعة إحدى أنجح الصناعات الثقافية والفنية استثمارياً.
من جانب آخر، تستطيع صناعة الأفلام قلب الموازين وتحقيق مكاسب سياسية واجتماعية ودعائية إذا ما استخدمت بشكل ذكي، فكل فلم أو مسلسل هو عبارة عن أداة جاهزة للتعبئة بالرسائل التي يرغب الكاتب أو الجهة التي تدعم الفيلم أو حتى الدول في تمريرها، وإن كانت قد استُخدِمت بشكل كبير في خدمة أجندات شاذة وسيئة ومشبوهة، إلا أنها أيضاً مجال مفتوح لاستخدامها في تحقيق الأهداف المشروعة ودعم القوة الناعمة للدول، فمثلاً ساهم فيلم “The Lord of the Rings” في دعم السياحة في نيوزيلاندا بشكل كبير. كذلك ساعد فيلما “Spirited Away” و “The Last Samurai”في الترويج للثقافة والتراث الياباني عالمياً.
نحن في المملكة نخوض مرحلة تحول مهمة وشاملة تتضمن السياحة وجذب الاستثمارات واحتضان الفعاليات الدولية وغيرها، لكن كأي وجهة جديدة نحتاج لمضاعفة الجهد ليتعرف العالم على القدرات الهائلة التي تكتنزها المملكة ثقافياً وتاريخياً والمقومات السياحية والجغرافية المذهلة التي تمتلكها، وهذا يتطلب الكثير من العمل لتسليط الضوء على الميز التنافسية التي نملكها بالإضافة لتصحيح الصورة النمطية التي ظُلمنا بها على مدى عقود.
الحوار الذي نشره موقع سوليوود السينمائي مع وزير الثقافة الأمير بدر بن فرحان كشف الكثير من التوجهات الرائعة نحو توظيف هذه الصناعة الكبيرة للتعريف بالمملكة وفرصها وإمكانياتها أمام العالم، وأعتقد حسب الحوار؛ أن هذا سيتم على نطاقين مهمين؛ الأول تطوير صناعة الأفلام في المملكة والاستثمار في الطاقات الشابة عبر الابتعاث والتدريب. والثاني، خلق بيئة جاذبة لمنتجي هوليوود بهدف تصوير بعض الأعمال على أرض المملكة، كما تم مع فيلم Cherry ومسلسل Paper Empire وأعمال عالمية أخرى.
وأخيراً، النقطة الأهم التي بدت واضحة من حوار وزير الثقافة هي أن هذا كله جزء من مشروع استراتيجي يمتد على سنوات ويستهدف الاستدامة والاستمرارية والتطوير، وهي عناصر مهمة للنجاح وتحقيق الأهداف بعيدة المدى.
المصدر: الرياض