سوليوود «خاص»
تدهشنا دومًا أفلام الخيال العلمي والمغامرات المثيرة بروعة التصوير السينمائي فيها، ومشاهد نجومها الخارجة عن المألوف. لكن هل فكرت يومًا كيف تُعَد هذه المشاهد لتظهر لنا في صورتها الباهرة عبر الشاشات؟ مفتاح الإجابة عن هذا السؤال يكون عند منسق الحيل السينمائية، إذ تعدُّ مهنته من الركائز الأساسية التي يعتمد عليها صناع الأعمال السينمائية بشكل كبير. يعمل منسق الحيل على محاكاة الواقع بخدع فنية لخلق سحر السينما، ويسعى لظهور الحبكة الخيالية للأفلام بصورة واقعية تتناسب مع السيناريو، ويقوم بتنظيم وتجهيز الحيل والأكشن في الأفلام، بجانب العمل مع الممثلين والمخرج لضمان سلامة الجميع. وعلى الرغم من أن وظيفته تجعله دومًا خلف الكاميرا، فإن تنفيذ الأعمال لا تخرج بجودة فريدة تذهل المشاهد وترفع القيمة الفنية للأفلام إلا من خلاله.
مهارات منسق الحيل
تستدعي مهمة منسق الحيل، أن يكون صاحبها ذات مهارات بدنية متنوعة، ومرونة جسدية، وقدرة عالية على الابتكار، وذلك من أجل مساعدة الممثلين على تنفيذ أدوار الأكشن والحركة كما يخطط لها المخرج، ويتمكن من اختيار البديل المناسب «دوبلير» للفريق العمل. وتعدُّ الموهبة والشغف بعالم الفن، هي الملهم الأول لصحاب هذه الوظيفة، والتي تمكنه من ابتكار مشاهد جديدة من خلال توظيف العناصر العلمية والخيالية، أو الافتراضية في المشاهد المختلفة؛ وقد تكون في معظم الأحيان غير واقعية، إلا أنها تقنع المشاهد عند رؤيتها. كذلك يجب أن تكون لديه براعة مميزة في المزج بين الحركات واللقطات لجعلها تبدو كما لو كانت حقيقة من خلال استخدام تأثير بصري وسمعي مخصص لمثل هذه الحيل.
عناصر وأدوات منسق الحيل
لكي يجعلك منسق الحيل، ترى الأفلام بمشاهد تبدو واقعيةً أكثرَ من كونها أفلام خيال علمي، أو أكشن وهمي، يحتاج إلى مجموعة من العناصر والبرامج الأساسية لتساعده في مهمته الإبداعية، ومنها:
- الكروما: يعتمد معظم منفذي الخدع البصرية في أفلام الحركة على الكروما، فهي توفر النفقات الإنتاجية. وتعتمد فكرتها على تصوير المشهد السينمائي المطلوب أمام خلفية خضراء اللون، ثم يتم إدخال المشهد لبرامج الجرافيك لتحول اللون الأخضر إلى شفاف فلا يظهر في الصورة إلا الممثلون، ثم يتم تركيب أي خلفية يريدها المنسق.
- الطلقات الوهمية: لا يستغني أبدًا منسق الحيل عن استخدام الطلقات الوهمية في المشاهد التي تتطلب إطلاق أعيرة نارية، ومنها طلقات الصوت، والطلقات المطاطية.
- سيارات بدون سائق: وهي نوع خاص من السيارات التي تستخدم في مشاهد المطاردات والمغامرات الخطيرة. تعمل هذه السيارات من خلال برنامج لنظام تشغيل السيارة يضمن التحكم فيها عن بعد، مع ضبط زاوية خاصة للتصوير حتى لا يظهر عدم وجود سائق للسيارة خلال المشهد.
- تقنيات الجرافيك: تعتمد الخدع البصرية في الأفلام على العديد من البرامج المطورة، التي تسمح بتعديلات كثيرة على المشاهد المصورة مثل ظهور أكثر من مشهد متزامن بلقطات تبادلية تتنقل الكاميرا أثناءها بين فعلَين أو أكثر. كذلك تستخدم لإضافة مجسم، أو ظاهرة طبيعية خطيرة، مثل: انفجار البراكين، أو انهيار مبنى شاهق.
- إطفاء الحرائق: في كثير من المشاهد السينمائية التي تحتوي على مشهد لحريق مثلًا، يتم الاعتماد على غاز ثاني أكسيد الكربون الصلب من أجل إخماد النار المشتعلة، فبمجرد وضعه على المادة المشتعلة يسحب غاز الأكسجين منها دون خسائر.
- الإضاءة: تُمكن طبيعة الإضاءة صانع الحيل من تغيير الكثير من المشاهد في زمن قياسي، فيمكن من خلالها تغيير شكل وجوه الممثلين عن طريق تخفيف حدة ملامح الوجه، أو إضفاء ضوء يضيف عمقًا ومظهرًا قويًّا له باستخدام ضوء خافت. ويصنع الضوء الخلفي ظلًّا عندما لا يكون الشيء مُضاءً بمصدرِ ضوءٍ من الأمام. علاوة على الاعتماد على الإضاءة للتعبير عن أحداث متخيلة مثل: محاكاة التفجيرات، وطيران الأبطال الخارقين.
أهم مشاهد الحيل السينمائية في أفلام هوليوود
ساهمت الخدع البصرية والحيل السينمائية في نجاح الكثير من الأفلام الهوليوودية، إذ مكَّن منسقو الحيل الوهمية صنَّاع هذه الأعمال من ظهور أفلامهم بشكل احترافي أذهل النقاد والجمهور، وكان من بينهم:
«Avatar»
ضم هذا العمل الذي حقق إيرادات تاريخية، العديد من الخدع والمؤثرات البصرية؛ إذ اعتمد في الأساس على خاصية التصوير ثلاثي الأبعاد، بجانب الـ«Motion Capture». وهي عبارة عن ملابس ترتبط بمجموعة من الأسلاك، يرتديها الممثلون ويؤدون المشاهد التمثيلية، فتلتقط هذه الأجهزة الحركة، وتقوم بتحويلها إلى مفاتيح حركية.
«Titanic»
يعتبر الفيلم ثاني أعلى إيرادات في تاريخ السينما العالمية. ولكن ستذهل عندما تعلم أن الفيلم تم تصويره في حمام سباحة صغير، وأن مشهد الغرق تم تصويره داخل الاستوديو على لوحات خشبية؛ إذ استعان المخرج جيمس كاميرون، بخاصية «الكروما»، لتصوير أغلبية مشاهد الفيلم العملاق.
«Fast & Furious»
تعتبر سلسلة «Fast & Furious»، من أشهر أفلام الأكشن، إذ تدور أحداثها في إطار مشاهد خيالية مثيرة حول سباقات الشوارع بالسيارات بطريقة خارجة عن المألوف تعتمد بالأساس على الكثير من الخدع البصرية، خاصة أن أبطال العمل ينفذون لقطات من المستحيل تكرارها في الواقع. وهم في الحقيقة لا ينفذون هذه اللقطات أثناء التصوير، ولكن الخدع السينمائية والبصرية هي التي تظهر هذه اللقطات المذهلة. وقد استعانت الشركة المنتجة في السلسلة الشهيرة، وبالتحديد في الجزء السابع، باستخدام الخدع البصرية وممثلين بديلين لتجسيد شخصية الراحل بول ووكر، الذي يعتبر من أهم الشخصيات في السلسلة.