سوليوود «خاص»
في ظل التطور السريع لصناعة السينما والتكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في هذا المجال، لا يزال هناك فنانون يعملون بصمت، لإضفاء لمسة ساحرة على الأفلام تجعلها تبدو واقعية وجذابة. مصممو الألوان أو «Colorists»، هم أحد هؤلاء الفنانين أصحاب رؤية تعديل وتحسين الألوان والإضاءة في مشاهد الفيلم لتحقيق التوازن اللوني والمظهر المناسب للعمل.
وكان عام 1939، بداية ظهور الألوان بوضوح في أفلام السينما؛ عندما استخدم «فيكتور فليمنج»، الألوان في جميع مشاهد فيلمه الشهير «The Wizard of Oz». ومنذ ذلك الحين اهتم صنَّاع السينما باستخدام الألوان في الأعمال بعدما أثبتت مكانتها الهامة في نجاح فيلم «فيكتور فليمنج».
نسلط الضوء خلال السطور التالية عن دور هؤلاء الجنود المجهولين في صناعة الأفلام، وكيف لعبت الألوان دورًا محوريًا في نجاح العديد من الأفلام السينمائية، حين ركز صنَّاعها على تلوين المشاهد بألوان خاصة ليلفت نظر المشاهد، ويجبره على التركيز مع المشهد ذي اللون المختلف، وكان منها: فيلم «Intolerance»، وفيلم «Amelie».
مهارات خاصة لتعزيز جماليات الأفلام
يتطلب تصحيح الألوان مهارات فنية عالية وفهمًا عميقًا للون وتكوين الصورة، ويستخدم مصممو الألوان برامج متطورة مثل: DaVinci Resolve وAdobe Premiere Pro وAvid Media Composer لتحسين جودة الصور وتعزيز جماليات الفيلم. كما يتطلب هذا العمل الدقة والصبر والتفاني؛ إذ يجب على المصممين تعديل مستويات اللون والتباين والتشبع وغيرها من العناصر في كلِّ مشهد على حِدَة.
وتتضمن مهام مصمم الألوان تحقيق التواصل بين المشاهد المختلفة وتوحيد الألوان لتتناسب مع الأجواء العامة للفيلم؛ إذ يؤدي المصمم دورًا حيويًا ومحوريًا في تحسين المظهر النهائي للأعمال السينمائية وتعزيز تجربة المشاهد. ويعتبر هذا العمل فنًا يتطلب خبرة وابتكار كبيرين، ويمكن أن يكون له تأثير كبير على نجاح الفيلم، وقد يكون العكس في حالة عدم توفيق مصمم الألوان في اختيار تكوين الصورة على النحو المطلوب.
السينما الرقمية ومصمم الألوان
وفي السنوات الأخيرة، باتت مهنة مصمم الألوان أكثر شهرة واعترافًا في صناعة السينما، ويتزايد الطلب على مصممي الألوان باستمرار؛ لذا يجب على المهنيين في هذا المجال مواكبة التطورات التكنولوجية والتعلم المستمر ليحافظوا على مهاراتهم وقدراتهم.
إذ إنه مع انتشار السينما الرقمية والأفلام ذات الجودة العالية، يستمر دور مصمي الألوان في المقدمة عند تجهيز الأعمال السينمائية. ويمكن الجزم بأنهم أصحاب مساهمة كبرى في صناعة السينما من خلال إضفاء الأعمال جودة خاصة، مما يجعلهم بالفعل المبدعين الخفيين الذين يحيكون السحر اللوني في عالم السينما.
مجال واسع للمهارات الشابة المعنية بتصحيح الألوان
في المستقبل، من المتوقع أن يظل الطلب على مصممي الألوان في ارتفاع مستمر، إذ تزداد الأهمية بالجودة البصرية في تجارب المشاهدة. ويمثل هذا التطور فرصة للمواهب الشابة المهتمة بمجال تصحيح الألوان لاكتساب المهارات اللازمة والانضمام إلى هذه المهنة المثيرة والمجزية.
تصاميم الألوان بطلة فيلم «Intolerance»
وقد يعتمد صنَّاع الأفلام على تصمايم الألوان لتكون هي بطلة المشاهد متفردة بذاتها، ومن بين هذه الأعمال كان فيلم «Intolerance»، الذي استغل مخرجه «دي دبليو جريفيث»، الألوان للتعبير عن قصته التي ترصد معاناة الحب عبر الزمن في حقب مختلفة من التاريخ. إذ استخدم المخرج ألوانًا مختلفة لكل حقبة ليميز بينها وبين الحقب الأخرى.
مخرج «Haxan» يروي سيناريو الفيلم بالألوان
وكان مصمم الألوان في فيلم «Haxan»، الذي صدر عام 1922، صاحب الدور الأبرز بين معدي العمل، إذ قرر المخرج «بينجامين كريستينسن»، أن يظهر كل جزء من الفيلم بلون مختلف عن الأجزاء الأخرى بحسب ما يريد أن يرويه المشهد. وكان العمل يدور حول تأثير الخرافات على العقل، التي يمكن أن تؤدي بالشخص إلى الإصابة بالأمراض العقلية مثل الهيستيريا وغيرها.
تناغم الألوان في «Amelie» لنقل المشاعر للجمهور
في فيلم «Amelie» الذي صدر عام 2001 وأخرجه «جون بيير جونية»، تم استخدام نظام ألوان بحيث لا يتعارض أي لون مع الآخر، بل يعمل كل لون على خدمة وتحسين اللون الآخر في المشهد، لذلك سترى الكثير من الأخضر والأحمر، والأزرق والبرتقالي، أو الأصفر والأرجواني. وكان الهدف من إضفاء التوازن للألوان إلى الصورة خلال العمل نقل المشاعر بشكل جيد إلى الجمهور ووضعه في حالة مزاجية تتوافق مع الأحداث.
في النهاية، تعتبر مهنة مصمم الألوان، التي ربَّما لا يعلم الكثير من عشاق السينما بوجودها ودورها في المجال، إحدى الوظائف الأساسية والركائز في صناعة السينما التي تؤدي دورًا حيويًا في تحسين جودة الأفلام وجعلها تجارب سينمائية رائعة وناجحة.