سوليوود «خاص»
في ظل الانتشار المتزايد لقضايا العنف الأُسري والمشاكل الزوجية في العالم، لم تقف السينما مكتوفة الأَيدي؛ بل تناولت هذه القضايا بشكل مباشر أو غير مباشر في الكثير من الأفلام العالمية والعربية، بأنواعها المختلفة، سواء كانت كوميدية أو درامية أو تراجيدية. يأخذنا هذا التقرير في جولة عن بعض الأعمال السينمائية التي تناولت هذه القضايا، وكيف قدَّمت حلولاً عملية وواقعية من خلال رسائل الأفلام الدرامية.
الأفلام العالمية
على مدار عقود طويلة تمكَّنت العديد من الأفلام العالمية، التي رصدت أزمات وقضايا العلاقات الزوجية، من حصد جوائز دولية؛ لتفوُّق حبكتها ومشاركتها في أزمات المجتمعات. ونبرز فيما يلي أهم هذه الأفلام:
«Revolutionary Road»
يكشف فيلم الدراما الأميركي _البريطاني، صراعات المشاعر العميقة، التي يبتعد الأزواج عن مواجهتها، خشية الاصطدام بالأطراف الشريكة للحياة؛ إذ يرصد العمل قصة زوجين يواجهان أزمات وتوترات عاطفية بسبب الحياة الفارغة التي يعيشان فيها، فيخون أحدهما الآخر سرًا، في حالة تمتزج فيها الرغبة في الفرار من الروتين اليومي بالتلذذ في معاقبة الشريك.
ويُلقي الفيلم المقتبس من رواية «الطريق الثوري»، الضوء على فشل الزوجة في بداية عملها كممثلة، لتصوير فراغ حياتهما الروتينية الخالية من الأحاسيس، سواء داخل المنزل، أو خارجه بالنسبة للزوج، مع احتفاظهما بالمظهر الخادع للأسرة السعيدة أمام المجتمع.
«Kramer vs. Krame»
يتناول الفيلم أزمة انفصال الأزواج وتأثيرها عليهم وعلى الأبناء، ويظهر كيف يهتم الزوج بوظيفته، ويضعها في مرتبة أعلى من أسرته؛ مما يجعل زوجته تشعر بالملل طوال الوقت، وتترك المنزل سعيًا وراء الانفصال؛ ليجد الزوج نفسه فجأة مطالبًا بالاعتناء بذاته وبنجله الوحيد، وتبدو الأمور شديدة الصعوبة في البداية؛ لكن الزوج يبدأ تدريجيًا في التأقلم مع الوضع، ويكتشف ما كان يجهله عن نفسه؛ لتظهر زوجته مجددًا للحصول على حضانة الابن، وهو ما يسبب معركة جديدة بينهما تُدخل العائلة كلها في نفق مظلم.
ونال فيلم «Kramer vs. Krame»، المُقتبَس من رواية الكاتب «أفري كورمان»، 5 جوائز أوسكار، كما حظِيَ بنجاح جماهيري واسع حين تم عرضه؛ نظرًا لتَقْديمه حالة اجتماعية قريبة من الجمهور.
«Blue Valentine»
يرصد الفيلم القضية التي قد يُعاني منها معظم الأزواج بعد انتهاء أول 10 أعوام من عمر زواجهم، والتي قد تعصف بهذه الحياة إذا لم يتم التعامل معها على نحو صحيح. ويروي العمل قصة زوجين تتدهور علاقتهما تدريجيًا بسبب الضغوطات في حياتهما اليومية، وكيف يؤدي ذلك إلى تلاشي الحب والمودة؛ رغم أن الزواج هنا قائم على قصة حب كبرى، إلا أن التراكمات والعلاقة المضطربة بينهم بعد مرور أكثر من 10أعوام على زواجهم، تتسبب في زوال هذا الحب.
«Gaslight»
يُبرز فيلم «Gaslight» قضايا التلاعب النفسي، من خلال حيل تضليل العقول، التي قد يستخدمها بعض الأزواج ضد شركائهم، ليقوم باستغلاله. وتدور قصة الفيلم حول امرأة تتعَرَّض للمعاملة السيئة والتلاعب النفسي من قبل زوجها؛ الذي يسعى طوال فترة زواجهما إلى زرع الشك في عقلها؛ مما يجعلها تشك في ذاكرتها، وسلامتها العقلية، وذلك من خلال استخدام الإنكار المستمر والتضليل والكذب.
الأفلام العربية
واهتمت السينما العربية كذلك بتسليط الضوء على الأزمات الأسرية، من خلال تناولها لقصص الخيانة، وأزمات الانفصال، والتأثير السلبي العائد من ذلك على المجتمع والأبناء. ونسرد في السطور التالية بعض هذه الأعمال:
«زوج تحت الطلب»
في قالب كوميدي، يتناول فيلم «زوج تحت الطلب»، فكرة «المُحلِّل»، وكيف لا يستطيع بعض الأزواج تَحمَّل مشاكل الحياة الزوجية، ما يدفعهم إلى الانسياق وراء مشاعرهم الغاضبة في لحظات الانفعال وتطليق زوجاتهم ثلاث مرات، ومن ثم إعادتهن لعصمتهم التي تتطلَّبَ وجود شخص «مُحلِّل». علاوة على حِيَل الزوجات خلال العمل لمعاقبة أزواجهن، ومنها الاتفاق مع هذا الرجل «المُحلِّل»، للهروب، وهو ما يؤجج الخلافات.
«نوارة»
تسلِّط هذه الدراما الاجتماعية الواقعية، الضوء على قضية العنف الأسري والمجتمعي المتمثلة في عالم الأثرياء، والفقراء، وكيف تعامل الأبطال مع هذه القضية وتأثيرها على حياتهم اليومية، مستعرضًا أثر ما كان يجري في مصر خلال هذه الفترة على البطلة المنتمية للطبقة الفقيرة الكادحة وعلى قصة حبها، ومحاولة نضالها من أجل حقوقها والانتصار لقضيتها.
لُقِّب هذا الفيلم بـ«صائد الجوائز» في عام 2016، نظرًا لنجاحه الواسع وحصده الكثير من الجوائز العالمية ومنها مهرجان مالمو بالسويد، حيث حصلت الفنانة «منة شلبي»، بطلة العمل، على جائزة أفضل ممثلة، كذلك حصد الفيلم جائزة أفضل سيناريو.
«زوجتي والكلب»
يهتم الفيلم بالقضايا التي تنتج عن تملُّك الشك والأفكار السوداء من حياة الأزواج، ونتائج ذلك على تدمير العلاقات، والتي قد تنتهي في الكثير من الأوقات بجرائم القتل؛ إذ يبرز العمل شكوك زوج في زوجته، التي تحول حياته إلى جحيم يحطمها، لأنه أولاً يعيش بحكم عمله في فنار بعيدًا عن زوجته الصبية الفاتنة، وثانيًا لأن له ماضيًا من المغامرات مع نساء متزوجات، وها هو الماضي يصبح عبئًا ثقيلاً على حاضره، يطارده، ويجعله يشك في زوجته ويتوهم أنها تخونه مع شاب مراهق يعمل مساعدًا له.
هذه بعض الأفلام التي تناولت قضايا العنف الأسري والمشاكل الزوجية، التي تبيِّن دور السينما الكبير في جعل الدوائر المجتمعية المتنوعة تتفهم هذه القضايا وتتعاطف مع الضحايا الذين يعانون منها. إضافة إلى زيادة الوعي المجتمعي حولها.