سوليوود «متابعات»
تخيّل أنك تشاهد ممثلاً مسنًا، لكنّه يظهر أمامك على الشاشة في سن صغير، وبعنفوان شاب في العشرين من عمره، ولا يشعرك بأنّ ذلك نوعًا من المكياج أو المؤثرات البصرية، لكنها أدوات الذكاء الاصطناعي التي يمكنها فعل ذلك من خلال إظهار الممثلين أصغر سنًّا وأكثر شبابًا.
تستطيع برامج الذكاء الاصطناعي حاليًّا، التي تتداخل في جميع مجالات الحياة والصناعات بما فيها صناعة الترفيه، تغيير كل شيء، مثلما يُهدد «تشات جي بي تي»، كل ما يتعلّق بحرفة الكتابة؛ فإنَّ الذكاء الاصطناعي يمكن أن يزيل آثار الشيخوخة رقميًّا في أقل وقتٍ ممكن.
ووفقًا لموقع «هوليود ريبورتر»، فإن الممثل الأميركي «توم هانكس»، والممثلة الأميركية «روبن برايت»، سيظهرون على الشاشة كشباب أثناء تصوير فيلم جديد من إخراج المخرج الأميركي «روبرت زيميكيس». الأمر ذاته حدث مع الممثل الأميركي «هاريسون فورد» في الفيلم الذي سيصدر في يونيو المقبل «إنديانا جونز آند ذا ديال أوف ديستني».
وأشار موقع «ذا جارديان» البريطاني إلى أنّ إزالة آثار الشيخوخة من على وجوه الممثلين الأميركيين تم بفضل أداة ابتكرتها شركة «Metaphysic»، التي يمكنها أن تصنع صورًا واقعية للوجه عالية الدقة، وأشارت الشركة إلى أن هذه الأداة يمكنها فعل ذلك من دون حاجة لأعمال المؤثرات البصرية.
وعلّق أستاذ الفنون السينمائية في جامعة جنوب كاليفورنيا، إيرفينغ بلاتش، أنّ جميع العاملين في المهن السينمائية مع ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تتداخل بقوة في صميم عملهم، يشعرون بالقلق.
وشبّه بلاتش في تصريحات خاصّة لموقع «سكاي نيوز عربية» تقنية إزالة آثار الشيخوخة للممثلين على الشاشات، بما حدث مع صعود أي تقنية جديدة تدخل في صناعة السينما، وأي تقنية متطوّرة أخرى، لكنّه أكّد أنّ الذكاء الاصطناعي سيحلّ في نهاية الأمر محل بعض الوظائف في صناعة السينما.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يبدو رائعًا وممتعًا في البداية؛ لكن بعد ذلك يمكن إدراك أنه أمر خطير، يبدو الأمر كما لو أننا علقنا بطريقة ما في الماضي، ولا نريد النظر إلى المستقبل.
وأختتم أستاذ الفنون السينمائية تعليقه بالتأكيد أن ثمة مشاكل في حركة العجوز والشاب، إنّهما ليسا متشابهين، السلوكيات، أيضًا، ليست هي نفسها، لكن الذكاء الاصطناعي سيصبح جزءًا مما يفعله جميع صانعي الأفلام، بشكل سريع وملحوظ في العقد المقبل.
وذكرت أستاذة الذكاء الاصطناعي بجامعة كاليفورنيا الأميركية، كاتينا مايكل، أنّ التغيير في الوجه والجسد للممثل كان يتم عن طريق المكياج، ولكن الآن العملية كلها مؤتمتة من خلال استخدام التكنولوجيا.
وأوضّحت أنه في استوديوهات الأفلام يتم إنشاء قواعد بيانات لآلاف الوجوه الاصطناعية التي يتم إنشاؤها عشوائيًا ثم استخدام أدوات التعلم الآلي لإلغاء عمر الوجه أو تحديده.
وأضافت أنه يتم استخدام النتائج العشوائية لتدريب شبكة عصبية تُعرف باسم شبكة إعادة شيخوخة الوجه «FRAN»، وعندما يتم تطبيق FRAN على مشهد، بدلاً من استبدال صورة الرأس، على سبيل المثال، فإنه سيتنبأ بأي جزء من الوجه يحتاج إلى عرض بطريقة معينة، وسيغير هذا الجزء من الوجه، إما لإزالة تجاعيد أو إضافتها.
وأكدت أنّ هناك العديد من المخاوف بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة السينما، حيث يمكن أخذ أصوات الممثل الأميركي شون كونري، أو تشارلتون هيستون الشهيرة، على سبيل المثال، وتغييرها قليلاً لاستخدامها في فيلم روائي طويل، بالإضافة إلى استخدام لقطات فيديو لشخص متوفٍ وإعادته إلى الحياة، موضحة أنه في جميع الحالات، هذا ليس شخصًا أو ممثلاً حقيقيًا لا يتعين عليه الحصول على مئات الآلاف من الدولارات أو أكثر، وماذا يحدث لممثل مات وعاد إلى الحياة باستخدام الذكاء الاصطناعي؟ كيف يتم تعويض ممتلكاتهم، مشيرة إلى أن هناك أيضًا قضايا مهمة تتعلق بحقوق النشر والملكية الفكرية يجب حلّها على المدى الطويل.
ولفت كاتب السيناريو والباحث في الذكاء الاصطناعي ألكسيس كيركي، إلى جانب آخر يتمثل في: تقنيات التزييف العميق التي تجعل الممثل مجرد أداة في يد منتج الفيلم؛ فالعثور على ممثل رائع ليس ذو مظهر جيد، يمكن جعل وجهه أكثر جاذبية باستخدام هذه التقنيات.
وذكر أنه قد تنتهي أزمة منح الممثل دورًا بسبب شبابه قريبًا، وقد يجبر التزييف العميق الممثلين في الأفلام لبلوغ مستوى من الشباب والكمال غير الطبيعي، كما يمكن أن يكون التزييف العميق ضارًا بالممثلات، إذ قد يخلقن «سباقًا جماليًّا» في عالم يُتوقع فيه بالفعل من الممثلات الامتثال لمعايير جاذبية غير منطقية، وكذلك التخلص من الشيخوخة لا يحل مشكلة الجسد، فالمسنون يتحركون بشكل مختلف عن الشباب، كما وجد المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي في فيلم «The Irishman» عندما سار ممثلوه على السُلّم على سبيل المثال.
وأختتم حديثه بالتأكيد أن الخطوة التالية هي إعادة بناء الهيئات والحركات الفاعلة، ولكن بمجرد القيام بذلك، كم من الوقت سيمضي قبل أن يتم استبدال الممثلين بممثلين افتراضيين بالكامل.