سوليوود «متابعات»
أثارت فكرة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في كتابة النصوص الإبداعية، حفيظة كُتَّاب سيناريو الأفلام والأعمال التلفزيونية، خوفًا من أن تُهدد التقنيات الحديثة وظائفهم في المستقبل. لكنَّ جوهر الفكرة يعطي طمأنينة إزاء صعوبة القيام بمهام العقل البشري في صياغة وحبكة السيناريو، وأن تلك التقنيات غير قادرة على إنتاج قصة خلَّاقة غير مزوَّدة بمفرداتها من قبل.
راودت الفكرة بعض المهتمين بصناعة الأفلام خلال الأشهر الماضية، إذ اقترحت نقابة الكُتَّاب الأميركية، وهي الاتحاد العمالي الممثل لمؤلفي الأفلام وكُتَّاب التلفزيون، تشريع استخدام الذكاء الاصطناعي لكتابة النصوص الإبداعية، وسط تنامي الحديث عن أدوار فعَّالة لروبوت المحادثة الجديد «ChatGPT»، الذي يمكنه تلقي أوامر في مختلف التخصصات والاستجابة لها بدرجات متفاوتة من حيث الدقة.
وقبل ذلك، تمكَّنت شركة «ديب مايند» البريطانية من بناء أداة للذكاء الاصطناعي يُمكن أن تساعد على كتابة سيناريو لفيلم أو مسرحية، أطلقت عليها اسم «ديماترون»، واختبرتْ قدرتها على بناء نصٍّ مقبولٍ.
في مرحلة التجربة، قام أحدهم بتزويد الأداة الجديدة بفكرة فيلم، وبالفعل استطاعت الأداة المبتكرة إنشاء أوصاف شخصيّة ونقاط حبكة وأوصاف موقع، إضافة إلى الحوار الذي كان منطقيًا، ولكنَّه مبتذل.
الأمر المثير لإعجاب المهتمين بالفكرة هو أنَّ الأداة تعاملت مع قصة الفيلم بشيء – ولو قليلاً – من الإبداع والابتكار، كما لو أنها قد سحبت الأوصاف مباشرة من رأس الكاتب، من ذلك وصف مشهد لم يتطرَّق إليه في النَّص.
كذلك، قام كاتب مسرحي بكتابة أربع مسرحيات استخدمت «نصوصًا جرى تحريرها وإعادة كتابتها بشكل كبير» بمساعدة أداة الذكاء الاصطناعي. وقالت الشركة إنَّه من حيث الأداء، فإنَّ الممثلين ذوي الخبرة والمهارات التحسينية «أعطوا معنى لنصوص ديماترون من خلال التمثيل والتفسير».
في تلك المرحلة دخل الشك قلوب كُتَّاب السيناريو البشريين، فيما إذا كانت الفكرة قابلة للتطوير للحصول على نصوص كاملة مبتكرة وإبداعية، وهو ما يُهمِّش وظائفهم في المستقبل.
لكن الدعم جاء قضائيًا، عندما قضت محكمة استئناف في المملكة المتحدة، في العام الماضي، بأنّه لا يمكن اعتماد الذكاء الاصطناعي قانونيًا كمخترع في براءة اختراع، وهو ما عارضته نقابة الكُتَّاب الأميركية، داعية إلى تشريع استخدام تلك التقنيات للمساعدة في الكتابة الإبداعية.
ويبرر رئيس نقابة الكُتّاب الأميركية السابق «هوارد رودمان»، تلك المطالبة بأن الروبوت قد يُستخدم لاقتراح فكرة جديدة، ورغم ذلك لا توجد حماية لحقوق الطبع والنشر للنصوص الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي؛ لأنَّ قانون الملكية الفكرية لا يعترف بملكية منشئي محتوى آليين.
وسط هذا الجدل، بات الكُتَّاب غير قلقين على مستقبل وظائفهم، بل يريدون الاعتماد على أيِّ حل يخفف عنهم العبء. ومن ثَمَّ، فإن الذكاء الاصطناعي لا يرتقي لمستوى كتابة سيناريو بنفسه دون تدخل بشري، كل ما يفعله هو كتابة نص مجرد، وبعدها يأتي دور الكاتب البشري لتحويله لتحفة فنية.
في حين أثارت الفكرة تخوفات أخرى تتعلق بالسرقة الأدبية، باعتبار أن برمجيات الذكاء الاصطناعي ليست خلَّاقة بذاتها، لكنها إعادة ترتيب للنتاج البشري الأصلي الذي تم تغذيتها به في البداية، أو حصلت عليه من آلاف النصوص المدمجة سابقًا، ورغم ذلك يظل السؤال القائم حول: ما الذي سيحدث حين يصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على خلق سيناريو متكامل؟