أحمد العياد
بعد أسابيع من المشاركة في سوق مهرجان كليرمون فيران للأفلام القصيرة، يشارك فيلم «أنا وعيدروس» للمخرجة «سارة بالغنيم» في مهرجان أسبن للأفلام القصيرة بأميركا أبريل القادم. إذ يشهد العرض العالمي الأول للفيلم، الذي ينافس في المسابقة الرسمية للمهرجان.
«أنا وعيدروس» فيلم يُقدم قصة تحدث في بداية الألفية لشابة جامحة تحاول التخلص من سائق أسرتها المرافق لها بينما تتسلل للالتقاء بحبيبها. الفيلم من تأليف وإخراج «سارة بالغنيم»، وإنتاج رائد السماري وسلمان المساعد، والمنتج المشارك خالد السديري، ويشارك في البطولة آيدا القصي، وبله محمد الفاضل.
يُذكر أن المخرجة سارة بالغنيم ما زالت تدرس الإخراج والكتابة في جامعة نيويورك. حاز فيلمها الأول القصير «أنا وعيدروس»، جائزة «وازمان» Wasserman التي تعتبر أعلى تكريم من جامعة نيويورك تقديرًا للأفلام المميزة. وأنتجت سارة، مؤخرًا، فيلم «سويت ريفيوج» Sweet Refuge من بطولة ليث نخلة، الفائز بجائزة نقابة المخرجين الأميركيين لأفلام الطلاب Directors Guild of America Student Award.
قبل دراستها في جامعة نيويورك، تعاونت سارة كمساعد مخرج في عدد من الأفلام، من بينها «المرشحة المثالية» للمخرجة هيفاء المنصور، و«الجرذي» للمخرج فيصل العامر. في عام 2019م، لعبت سارة بدور البطولة في الفيلم القصير «الدنيا حفلة» الذي شارك في أكثر من 40 مهرجانًا سينمائيًا، وفاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان صندانس السينمائي.
«سوليوود» التقت المخرجة سارة بالغنيم، وكان لها هذا الحوار حول تفاصيل هذا العمل ومستقبل عرضه في قادم المهرجانات.
الفيلم بدأ بسوق كليرمون فيران، ثم الآن يشارك في مهرجان آسبن للأفلام القصيرة.. هلَّا تحدثيننا عن الفيلم وتفاصيله منذ نشوء الفكرة؟
كتبت هذا السيناريو في السنة الدراسية الثانية من برنامج الدراسات العليا في الإخراج والكتابة في جامعة نيويورك، وكان شيئًا جميلاً وملهمًا أن ورشات الكتابة تجمع طلابًا من جميع أنحاء العالم؛ يشاركون قصصًا عن أنفسهم وعن مجتمعاتهم… ولاحظت أن مشاركتي كانت عن ذكرياتي التي يوجد فيها سائق أسرتنا، وهذا الذي ألهمني لكتابة القصة: أنا وأغلب الفتيات اللاتي تربين في تلك الحقبة، السائق الأجنبي المقيم مع الأسرة يعرف عنا كل شيء وكل التفاصيل. كانت كل امرأة ملزمة بسائقها بغض النظر عن مدى رسمية العلاقة، ومدى الاختلافات بالعمر أو حاجز اللغة. هو فعلاً يعرف كل شيء في حياتك: الموسيقى التي تحبها، وتقلبات مزاجك، وعلاقتك بأسرتك؛ فبالتأكيد يعرف الكثير عن علاقاتك العاطفية إن كانت موجودة.
فكرة الفيلم جريئة إلى حدٍّ ما، هل واجهت صعوبة في اختيار البطلة؟
كان لدي خوف من سرد هذه القصة، لأننا لا نزال في مجتمع محافظ، لكن عندما يأتيني هذا الخوف أتذكر أنني دخلت هذا المجال وأعطيت كل وقتي وجهدي لكي أصنع أفلامًا تطرح تساؤلات.
أتمنى أن أرى تجاربنا الحقيقية على شاشات السينما العالمية كما هي واقعية وحقيقية؛ فالفن والسينما لا يولدان من صورة مثالية للمجتمع. كلمة «عيب» يجب أن تُزال من قاموسنا، لأنها سببت أمراضًا نفسية وعقدًا اجتماعية يتوارثها الأجيال.
البحث عن الممثلين كان هو التحدي الأكبر. قمنا بتجارب أداء مع العديد من النساء قبل اختيار الممثلة آيدا القصي لدور الشخصية الرئيسية. كان الكثير من الممثلات يخشين المشاركة في قصة لا تزال تعتبر مثيرة للجدل بالنسبة لغالبية المجتمع. وخلال فترة تجارب الأداء تواصل معي الكثير من آباء الممثلات للاطمئنان والسؤال عن محتوى القصة «مع العلم أنه لم يأتني أي مكالمات من آباء الممثلين الذكور عن محتوى القصة». إضافة إلى ذلك، أحيي آيدا القصي لشجاعتها، وهي ممثلة موهوبة وتمتلك القدرة على التعايش مع الشخصية، وكنت أرى أنها الوحيدة التي تستطيع أن تقوم بتجسيد الشخصية بطريقتها الخاصة والمختلفة.
السائق.. كيف تم تدريبه واختياره، واضح أنه يقف أمام الكاميرا للمرة الأولى؟
أنا محظوظة جدًا أنني وجدت الممثل بله محمد الفاضل «العم بله» الذي لعب دور «عيدروس». كانت هذه أول تجربة تمثيل له. ساعدني سليم حمصي، أحد الزملاء في المجال على العثور عليه، وعند الالتقاء به للمرة الأولى أحببت شخصيته كثيرًا.. ذكي ولديه حس فكاهي وساخر، وفي نفس الوقت لطيف، وكان أشبه بالأب لطاقم الفيلم. وأنا ممتنة جدًا، لأنه منحني فرصة العمل معه. قمت بإجراء التدريبات معه ومع الممثلة آيدا القصي في نفس السيارة حول المدينة، والارتجال من أجل صنع كيمياء بينهن قبل التصوير.
القصة محلية بحتة، كيف كان استقبال المهرجان له «أقصد المبرمجين»؟
على الرغم من أن القصة خاصة بالثقافة السعودية تلقت إعجاب كثير من المبرمجين الأجانب. أعتقد أنني لو كتبت هذا الفيلم بطريقة غير كوميدية، فسيتم استقبالها بشكل مختلف.
في رأيك، ما سبب عمل أفلام سعودية كثيرة حول فترة الألفية؟
أعتقد أن سبب وجود الكثير من القصص التي تُروى عن حقبة بداية الألفيات حاليًا، هو أن معظم صانعي الأفلام السعوديين لديهم تعطش لرواية القصص التي لم يكن لها منصة في ذلك الوقت. إضافة إلى ذلك، أعتقد أنه بداية الألفيات في السعودية فترة زمنية فريدة من نوعها بسبب دخول الإنترنت على مجتمع محافظ.
ما مستقبل الفيلم بعد هذا العرض في المهرجان؟
حاليًا نقوم بالتقديم لمهرجانات في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وبعدها سنقوم بجولة في الشرق الأوسط في عام 2024م.
كانت لك تجربة مميزة في التمثيل في فيلم «الدنيا حفلة»، توقعنا بعد ذلك وجودك بشكل أكبر، هل نشهد عودة سارة للتمثيل من جديد؟
بعد فيلم «الدنيا حفلة»، تواصل معي العديد من المخرجين للتمثيل في أفلامهم، وكان أغلبهم رجال. وبصراحة كانت الأدوار النسائية التي كتبوها ذات «بعد واحد» وهذا الشيء متوقع، لأن من النادر أن يتفاعل الرجال بعمق مع النساء؛ لهذا السبب تظهر الشخصيات في قوالب نمطية. حاليًا أقوم بالتركيز على الإخراج والكتابة، ولكن إذا تسنت لي الفرصة بتمثيل دور ثلاثي الأبعاد ومكتوب بشكل جيد، فسأشارك بالتأكيد.