سوليوود «متابعات»
يثير الذكاء الاصطناعي مخاوف الكثيرين حيال مستقبلهم، كونه يعمل على تطوير كل شيء كبديل عن العنصر البشري، وأثارت هذه المخاوف عاصفة من الغضب تجاه منصّة «نتفليكس» في اليابان، التي تعرضت لانتقادات واسعة بموقع «تويتر»، على خلفية استخدامها الذكاء الاصطناعي في فيلم رسوم متحرّكة جديد بعنوان «كلب وولد».
وقالت «نتفليكس» على حسابها الرسمي على موقع «تويتر»: «كجهد تجريبي لمساعدة صناعة الرسوم المتحركة، التي تعاني من نقص في العمالة، استخدمنا تقنية إنتاج الصور كخلفية لجميع المقاطع داخل الفيديو من خلال تقنية الذكاء الاصطناعي».
ووفقا لموقع «فايس» المتخصص في الفن، فإنّ خلفيات الفيلم، رُسمت يدويًا من قبل شركة الذكاء الاصطناعي «رينا»، حيث أضافت اللون والملمس، ثم بعد ذلك نقّحت الشركة المناظر الطبيعية يدويًا، وهو ما أضفى إضاءة داخل المشهد، وفي التتر ذكرت نتفليكس أنّ الخلفية عبارة عن تعاون بين «ذكاء اصطناعي + بشر».
بينما كتب موقع «آرت نيت» أن الردود على الفيلم كانت سلبية بشكل هائل، وكيّل المغرّدين على تويتر الاتهامات والانتقادات لـ«نتفليكس» والفيلم.
على الجانب الآخر اعترض البعض الآخر على توصيف «نتفليكس» لـ«نقص العمالة» في صناعة الرسوم المتحركة، مبررين ذلك بأنّ رسامي الرسوم المتحركة متوفرين، ولكن يحتاجون إلى رواتب عالية.
وأشار موقع «آرت نيت» إلى أنَّه وفقًا لأرقام نتفليكس فإنّ الرسوم المتحركة تُعدُّ واحدة من أكثر الفئات المفضلة على منصتها، حيث شاهدها أكثر من 120 مليون أسرة في عام 2020، وهو ما دفعها في 2021 لإطلاق منصّة قاعدة نتفليكس لمصممي الرسوم المتحركة في العاصمة اليابانية طوكيو.
صناعة الأنيمي:
ارتفع الطلب على منتجات الرسوم المتحركة الجديدة في السنوات الأخيرة.
في عام 2021 راتب رسامي الرسوم المتحركة منخفض نحو 200 دولار شهريًا.
كبار رسامي الرسوم المتحركة يتقاضون ما بين 1400 و3800 دولار شهريًا.
في عام 2021 بسبب الوباء حققت الصناعة أعلى إيرادات على الإطلاق بلغت 18.4 مليار دولار.
وأثار الفيلم قلق العاملين في مجال صناعة الرسوم المتحرّكة، إذ أنّهم قد يصبحون عاطلون عن العمل تلقائيًّا مع توغُّل أدوات الذكاء الاصطناعي في عملهم.
وقال الرسام ذو الأصول اليابانية، زاكوجا مينيون «اسم مستعار» في تصريحات خاصة لموقع «سكاي نيوز عربية»، إنَّ “نتفليكس تزعم استخدامها للذكاء الاصطناعي بسبب نقص العمالة، رغم أنّهم سرّحوا مئات من رسامي الرسوم المتحركة وأوقفوا مئات المشاريع المتعلّقة بها».
وقال أستاذ قسم الذكاء الاصطناعي بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة جنوب الوادي، محمد زيدان، إنّ تطبيقات الرسوم المتحركة تم إطلاقها كأحد أدوات الذكاء الاصطناعي الضعيف، وتعمل على إنتاج رسوم متحركة بجودة عالية في وقت قياسي مقارنة بمصممي الرسوم المتحركة البشريين.
وأضاف في تصريحات خاصّة لموقع «سكاي نيوز عربية»: «نجح الذكاء الاصطناعي باستخدام تقنيات التزييف العميق في تزييف فيديوهات للبشر يصعب تمييز ما إذا كانت مزيفة أم حقيقية؟ وهو ما حفّز الشركات والمؤسسات الإعلامية لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إنتاج الرسوم المتحركة كبديل عن مصممي الرسوم المتحركة من البشر، ما يمثل تحديًّا هائلًا في فرص عمل هذا المجال».
لكن أستاذ الذكاء الاصطناعي يرى أنّ العالم يواجه بالفعل نقصًا في الأيدي العاملة في الرسوم المتحركة، وأيضًا يتقاضون مرتبات مرتفعة، لذلك يجب على من يرغب تعلُّم الرسوم المتحرّكة تنمية مهاراته وقدراته الإبداعية في مجالات أخرى لم يطرق الذكاء الاصطناعي أبوابها بعد بشكل فعال».
ويكمل: «يوجد اليوم العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي التي تساهم في صناعة الرسوم المتحركة منها تطبيقات تنتج رسوم متحركة تعبّر عن النص المكتوب الذي يتم إدخاله إلى التطبيق، وهو ما أدى إلى إنتاج رسوم متحركة في شكل أفلام كرتونية للأطفال ورسوم متحركة تستخدم للدعايا لبعض المنتجات والخدامات وأيضًا في المجالات التعليمية ونشرات التوعية».
وقال أوستن كوريري، الذي يعمل في شركة «فيريدريتور» الأميركية للأفلام المتحركة في تصريحات خاصّة لموقع «سكاي نيوز عربية» أن الفيلم يثير جدلاً لأنه محاولة من شركة كبرى كـ«نتفليكس» لاستبدال العمال البشريين لصالح استخدام التكنولوجيا التي تمزق العمل البشري».
واستطرد بالقول أن الذكاء الاصطناعي، في حالته الحالية غير المنظمة، يسحب الأعمال الفنية من عدد لا يحصى من الفنانين البشريين دون تعويض من أجل العمل، معللاً بأنّ «نتفليكس» حاولت اللعب على أوتار نقص العمالة لتخفيف الانتقاد، لأنّ الشركة لم تكلّف نفسها الإشادة بالشخص الوحيد الذي راجع جهود الذكاء الاصطناعي، واكتفوا بنسب الفضل إليهم.
وشدد على أنّ «نتفليكس» ستمضي قدمًا في ذلك دون الالتفات إلى العواقب، لأنّهم يفكرون في أنفسهم فقط وليس في الصناعة ككل.
وأوضح أنه لا يوجد نقص في العمالة؛ بل خفض في المرتبات، في جميع أنحاء اليابان وفي جميع أنحاء العالم، هناك الكثير ممن هم مصدر إلهام ويرغبون في العمل في صناعة الرسوم المتحركة؛ لكن أولئك الذين يصنعون الرسوم المتحركة في الواقع يتم تعويضهم بشكل سيء، ولا يتم منحهم الاحترام الذي يستحقونه.