سوليوود «متابعات»
تحدث المهندس «عبدالله بن ناصر آل عياف»، الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام السعودية، عن الدور الذي تلعبه الهيئة في تَجْسِيد الحراك الثقافي والفني في المملكة، من خلال التركيز على حوافز «ضوء» لدعم إنتاج الأفلام، والتعاقد مع شركات الإنتاج العالمية، والتعاون مع الجامعات الدولية، ودور القطاع الخاص في المساهمة في نهضة القطاع.
وقال «آل عياف» في لقاء صحفي مع مجلة المجلة، أن الدول تستثمر في بناء منصات إعلامية وقطاعات ثقافية تُمكنها من سرد قصصها بدلًا من ترك الآخرين ليحكوها، موضحًا أن السينما من أكثر هذه القطاعات فاعلية وقدرة على تسويق الأفكار والهويات لما تقدمه من تجربة غنية للمتلقي.
تطوير صناعة الافلام السعودية
وأشار إلى أن السينما السعودية شهدت تجارب واعدة لاقت استحسانًا على المستويين الإقليمي والدولي، مشيرًا إلى أن الهيئة تعمل على مواصلة هذه التجارب عبر تطوير مواهب وطنية قادرة على صناعة أفلام سعودية تنافسية ذات جودة عالية بكل مراحلها واختصاصاتها، من كتابة سيناريوهات جيدة إلى تخصصات التمثيل والإخراج والإنتاج، وصولًا إلى قدرات عالية في العرض والتسويق والتوزيع، نرى فرصًا واعدة عدة.
وشدد آل عياف خلال حديثه على أهمية تمكين العُنصر البشري قائلاً: «نحن على يقين أن تمكين العنصر البشري هو أهم ركيزة في القوة الناعمة للمملكة وأن المبدع والمبدعة السعوديين هما اللذان سيرسمان تلك الصورة العاكسة لما تمر به المملكة من نهضة ثقافية واجتماعية واقتصادية».
تمكين صنّاع الأفلام بدعم كامل
وأوضح أن الإنتاج المحلي قادر على صناعة أفلام تعكس ثقافة المملكة ونشرها محليًا ودوليًا، ونؤمن بأن تمكين صنّاع الأفلام هو الخطوة الأهم لإنتاج أفلام محلية تمثل ثقافة المملكة وهويتها وإرثها، موضحًا أن الإنتاج السينمائي المحلي، بدأ منذ عقود بتجارب مهمة نعتز بها، ونسعى لتقديم كل أشكال الدعم لصناع الأفلام السعوديين لضمان استمرارهم في إنتاج أفلام محلية والمشاركة في مشاريع الإنتاج الدولي التي يستقطبها قطاع الأفلام لدينا.
وذكر أنه انطلاقًا من هذا التوجه، تقدم الهيئة أوجه عدة للدعم جنبًا إلى جنب جهات وشركاء وطنيين آخرين مثل الصندوق الثقافي ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي والجمعيات غير الربحية ذات العلاقة بالقطاع وغيرها من الجهات.
نشر برامج التدريب فى كل أنحاء المملكة
وأفاد أنه حين تأسست هيئة الأفلام عام 2020، كانت أولى مبادراتها برامج التدريب وتأهيل القدرات المحلية العاملة في القطاع، ولا تزال برامج تنمية المواهب والعقول المبدعة والأيادي العاملة على رأس أولوياتنا.
وزاد في حديثه: «صممت برامج التدريب لتغطي كل فنون ومهارات صناعة الأفلام، مثل الكتابة، وتطوير الشخصيات، والإنتاج، والإخراج، والتمثيل، والمونتاج، والموسيقى، والمؤثرات البصرية، وحتى عمليات التوزيع والعرض والترويج، قُدمت هذه المعارف بالتعاون مع جهات أكاديمية عالمية مرموقة مثل جامعة جنوب كاليفورنيا لعلوم السينما، ولافيميس وغوبلن الفرنسيين، والمؤسسة البريطانية للأفلام، واستضيف فيها أبرز صناع الأفلام في العالم العربي لنقل المعارف السينمائية إلينا، مثل المخرجة التونسية كوثر بن هنية التي رشح فيلمها لأوسكار أفضل فيلم دولي، والمخرج المصري المخضرم شريف عرفة وغيرهما الكثير من أصحاب التجارب المهمة، جنبًا إلى جنب مع عدد من المدربين والمدربات السعوديين الذين نقلوا تجاربهم الغنية للجيل الشاب».
وبين أنه تمت إقامة برامج التدريب حتى الآن في 7 مدن سعودية ونتوقع مستقبلًا أن نتوسع إلى مدن أخرى، وقد أفادت من هذه البرامج خلال عام 2022 أكثر من 1300 متدرب ومتدربة في المهارات والمعارف السينمائية كافة.
وبخصوص شركات القطاع الخاص العاملة في صناعة الأفلام مثل الإنتاج والتوزيع والخدمات اللوجستية والبنية التحتية، أكد أنها شهدت مؤخرًا نموًا كبيرًا نظرًا لزيادة عدد الإنتاجات السينمائية والدرامية التي نُفذت داخل المملكة، وذلك من خلال الدعم السخي والتمكين الكبير من قيادتنا الرشيدة للقطاع من الناحية المالية والتشريعية، الذين كان لهما أثر كبير في كسب ثقة المستثمرين، مما ساهم في رفع عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في صناعة الأفلام.
جَذْب انتاجات دولية للسعودية
وأكد رئيس هيئة الأفلام أن المملكة تمتلك مقومات النجاح في قطاع صناعة الأفلام، فعلى سبيل المثال نما القطاع متسارعًا منذ بدء دور عرض السينما بالعمل في المملكة عام 2018، ليصل الآن إلى 528 شاشة سينمائية في 20 مدينة سعودية مما جعل سوق شباك التذاكر السعودي الأسرع نموًا في الشرق الأوسط.
واستمر في حديثه موضحًا أن المملكة العربية السعودية خلال هذه الفترة نجحت في جذب إنتاجات دولية بموازنات ضخمة للتصوير بالكامل في مواقع تصوير لدينا، مثل فيلم «محارب الصحراء» الذي صُوّر كاملًا في نيوم بشمال المملكة، وفيلم «قندهار» الذي صُوّر في مدينتي العلا وجدة.
وأضاف أن هيئة الأفلام في شهر مايو 2022 وخلال مهرجان كان السينمائي في فرنسا، أطلقت برنامج الحوافز للاسترداد المالي بنسبة تصل إلى 40% لدعم الإنتاج المحلي والدولي، وهو البرنامج الذي سيساهم في جذب الإنتاج للمملكة ورفع عدد العاملين في قطاع الأفلام.
نجاح حوافز «ضوء» لدعم الأفلام
ويأتي هذا البرنامج كدعم لوجستي ونقدي غير مستردّ، موجه إلى شركات ومؤسسات الإنتاج السينمائي المحلية ذات الخبرة، وإلى صناع الأفلام الأفراد، كما انطلقت حوافز «ضوء» لدعم الأفلام على نسختين، حيث شارك في النسخة الأولى 260 من صنّاع الأفلام في مسارَي الأفلام الطويلة والأفلام القصيرة، موضحًا أن منجزات وأرقام «ضوء» لدعم الأفلام الواعدة تبشر بالمزيد، حيث فاز 24 سينمائيٕا في جميع المسارات بدعم وصل مجموعه إلى 40 مليون ريال، واستُغل 132 موقع تصوير في 7 مدن، وشُغل 12 فندقًا وحُجزت 300 ليلة فندقية، وقُدمت 38 مشاركة محلية في الأفلام الطويلة والقصيرة، ووُقعت 5 عقود مع شركات عالمية وإقليمية مشاركة بالأفلام الطويلة والقصيرة.
وذكر أنه استمرارًا لتلك النجاحات واستدامة لأثرها، انطلقت بالتزامن مع مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2022 النسخة المحدثة من «ضوء» لدعم الأفلام التي تستقبل المشاركات طوال العام.
وعزز الدعم المبذول فرص صنّاع الأفلام السعوديين لإنتاج أفلام طويلة وقصيرة محلية تواكب المستوى العالمي، كما جذبت هذه الإنجازات التي حققتها المملكة خلال فترة قصيرة في القطاع اهتمامات المستثمرين للاستثمار المحلي والدولي.
نمو الانتاج المحلي للأفلام السعودية
وبين رئيس هيئة الأفلام أن وتيرة تجارب صنّاع الأفلام السعوديين، تسارعت بشكل يواكب النمو المتسارع لصناعة الأفلام في المملكة، حيث نرى نموًا في عدد إنتاجات الأفلام المحلية أخيرًا، بعضها أُنتج بالتعاون مع ستوديوهات ومنصات وشركات دولية وإقليمية مثل نتفليكس وشاهد، وشهدت الدورة الأخيرة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» عرض 4 أفلام سعودية طويلة كعرض أول دولي كان أحدها فيلم الحفل الختامي للمهرجان، بينما شاركت أخيرًا 5 أفلام قصيرة و4 أفلام طويلة في مهرجانات محلية وعالمية.
ويقول «آل عياف» أن هذه التجارب المتسارعة تشكل حراكًا سينمائيًا رائعًا، ويساهم الدعم النقدي والمعرفي واللوجستي المقدم من هيئة الأفلام لصناع الأفلام المحليين في رفع جودة الإنتاج ووضع الفيلم السعودي على الخريطة الدولية، ولفرص كبيرة وواعدة أمامنا ولا حدود للطموح.
وشدد أن هيئة الأفلام تدعم مهرجان أفلام السعودية الذي يعتبر من أهم المحطات لاكتشاف المواهب والحاضنة الأهم للأفلام القصيرة والتجارب الطلابية في المملكة، مشيرًا إلى أن المهرجان، دعم خلال السنوات الكثير من صنّاع الأفلام المبتدئين من خلال برامج تدريب وتوفير مساحة للعرض وتعزيز العلاقات المحلية والدولية في مجال السينما.
حراك سينمائي مُميز في العُلا ونيوم
وحول إطلاق «نيوم» قرية إعلامية وقيامها بدعم أفلام محلية وعالمية وكيفية ربط هذا الأمر مع استرايجية هيئة الأفلام، قال: «ما يحدث من تطور متسارع في نيوم، ومثله في العُلا وعدد من المدن من تأسيس استوديوهات إنتاج، يتماشى مع استراتيجيتنا في الهيئة التي تهدف لتأسيس بنية تحتية لقطاع الأفلام في أنحاء المملكة، ومتفائلون بالحراك السينمائي المميز في العُلا ونيوم، ونتطلع لإنتاجات ذات تنافسية عالية من صناع الأفلام في هاتين المنطقتين لما تمتازان به من مواقع جغرافية وسياحية آسرة وممكنات استراتيجية ولوجستية تنافسية على مستوى دولي».
ادراج صناعة الأفلام في التعليم
وذكر أن الهيئة تعمل مع شركائها في وزارة الثقافة على إدراج صناعة الأفلام في التعليم كما أعُلن أخيرًا ضمن استراتيجية تنمية القدرات الثقافية، فالسينما من أهم وسائل التواصل بين الثقافات في العالم، وصنّاع أفلام المستقبل هم بين طلاب المدارس اليوم، لذلك فإن تمكينهم وإلهامهم بالمعرفة والأدوات سيمكنهم من صناعة ما يخاطبون به الجمهور السعودي والعربي والعالمي بقصص مميزة ذات هوية وثقافة أصيلة.
وفي ختام حديثه، أكد أن الهيئة على تواصل مستمر مع الجهات الأكاديمية المختصة لتقديم الخدمات الاستشارية والتنسيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص في مجال صناعة الأفلام، بهدف تمكين الجامعات عبر الخبرات اللازمة لبناء برامج تعليمية تخدم الأهداف الأكاديمية للجامعات، ولمد سوق العمل بالكفاءات والمهارات التي يحتاجها القطاع في المملكة، مختتمًا: «نؤمن بأن دور الجامعات استراتيجي وذو أهمية بالغة، وذلك لا يقتصر على رفع عدد العقول والأيدي الماهرة في القطاع فحسب، بل يمتد لإثراء الجهود البحثية والأكاديمية في مجال السينما».