أحمد العياد
خلال شهر أكتوبر عام 2017، أُقيمت فعاليات سينمائية في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض تحت عنوان «ليالي الأفلام القصيرة»؛ الفعالية التي تضمنت عرض أكثر من 30 فيلمًا قصيرًا لعدد من المخرجين السعوديين مثل: علي الكلثمي، ومحمد الهليل، ومحمد السلمان، وعبدالعزيز الشلاحي، وهند الفهاد، لاقت تفاعلاً واهتمامًا كبيرًا بالحضور من الجمهور.
نجحت هذه التظاهرة السينمائية بشكل كبير، وهو ما ظهر بوضوح في عرض الأفلام بأكبر المسارح في المركز الثقافي والتفاعل الجماهيري الكبير، إلى درجة أنني لا أزال أتذكر عاصفة التصفيق الكبيرة من الجمهور للمخرج علي الكلثمي بعد عرض فيلمه «وسطي».
هذه الفعالية وما تضمنته من ندوات وعروض سينمائية ونقاشات ثرية مع أغلب مخرجي الأفلام، وتساؤلات الجمهور للمخرجين عن تجاربهم وتفاصيلها، جاءت قبل قرار عودة الصالات السينمائية للمملكة بشكل رسمي، وقبل الدعم الحكومي الكبير لكافة المشاريع السينمائية والمؤسسات التي خرجت للنور من أجل دعم صناعة السينما سواء هيئة الأفلام، أو أفلام العلا، أو الصندوق الثقافي، أو مؤسسة البحر الأحمر.
ما بين 2017 واليوم تغيرات كثيرة حدثت؛ مشاريع سعودية عديدة، دعم سينمائي كبير ما بين خاص وعام، أفلام عالمية تصور في المملكة أعمالها الجديدة، وشركات توزيع تستهدف الوجود بالسوق السعودي، بجانب استديوهات تجهز لمشاريع عملاقة في الإنتاج، وأخرى في معامل الكتابة، وقبل ذلك دراسات متخصصة للسينما سواء داخل أو خارج المملكة، وعروض سعودية سينمائية تجارية في السوق السعودي بشكل شهري تقريبًا وصل أصداء بعضها إلى باقي دول الدول العربية، لا سيما مع عرضها على منصات مهمة مثل نتفليكس وشاهد.
كل هذا الحراك يوازيه وجود مهرجانين للسينما في السعودية: الأول مهرجان أفلام السعودية الذي تحتضنه الدمام، وكان له السبق في الكشف عن أهم السينمائيين السعوديين، ولا يزال في كل عام قادر على تقديم مواهب عدة. أمَّا الثاني، فهو مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الذي تحتضنه مدينة جدة.
صحيح أن هذا الحراك السينمائي مهم، لكن الأهم هو نشر ثقافة السينما في السعودية، والمملكة باتت اليوم بحاجة لمهرجان سينمائي يُقام بالعاصمة الرياض؛ مهرجان يحمل الطابع الدولي بمسابقات وأفلام متميزة، ليس فقط باعتباره مهرجانًا سينمائيًا، ولكن مهرجانًا يناسب ما تحقق من طفرة بالسعودية خلال الفترة الأخيرة.
وبخاصة مع تحول الرياض، مؤخرًا، إلى عاصمة الترفيه عربيًا، فلا يمر أسبوع من دون فعالية مهمة، ليس فقط سعوديًا وعربيًا، بل دوليًا أيضًا؛ فعاليات تقوم عليها وزارة الثقافة وهيئة الترفيه والجهات المعنية. فالرياض أحد أكبر العواصم العربية، وكثافة سكانية تحتاج إلى مهرجان سينمائي دولي يحمل اسمها يكون وجهة لصُناع السينما في جميع أنحاء العالم.
ولا يعني وجود مهرجان الرياض السينمائي تعارضًا مع مهرجان البحر الأحمر أو مهرجان الأفلام السعودية، فوجود المهرجانين سيكون داعمًا للاهتمام بالسينما ويخلق جوًا من المنافسة الإيجابية كالتي خلقها وجود مهرجان الجونة السينمائي عند إقامته مع مهرجان القاهرة، إلى درجة أن رئيس مهرجان القاهرة السينمائي السابق السيناريست والمنتج محمد حفظي اعتبر أن إقامة مهرجان الجونة انعكست إيجابًا على الأعمال المختارة بما أفاد المهرجانين.
ختامًا.. لطالما كانت إقامة فعاليات سينمائية في الرياض لها صدى جماهيري كبير، وعلى سبيل المثال، أسبوع الأفلام الأوروبية الذي أقيم العام الماضي، وسينما وادي للأفلام المستقلة؛ ومع ذلك الجمهور السينمائي متعطش ويطمح في رؤية أهم الأفلام العالمية التي تعرض في مهرجانات سينمائية دولية في مهرجان الرياض السينمائي الدولي. هذا الجمهور الذي هو ضمان كافٍ لإنجاح أي فعالية كبرى فيها، فجمهور الرياض يستحق ذلك.