خالد ربيع السيد
ثمة ظاهرة سينمائية هوليوودية تروّج لمفهوم ثقافي مستجد يطلق عليه “سحر الفتاة السوداء “Black Girl Magic، وهي ظاهرة آخذة في النمو بشكل عام في الفنون والأدب والشعر واللايف استايل والسوشال ميديا؛ يراد لها أن تدخل في سياق ثقافة العولمة انتصارًا لنظرة إنسانية تعلي من شأن الإنسان الأسود، وربما تكون مسيرة هذا التوجه سائرة في تحقيق أهدافها بخطوات ثابتة.
بدايةً، هل يمكن القول بأن نجاح وانتشار مفهوم “سحر الفتاة السوداء” مرتبط بنجاح الأفلام والمنتجات الثقافية التي روجت له، أو أن المفهوم نفسه ليس أكثر من أداة تسويقية لجماهير متعطشة لمن يمثلها على الشاشة؟ وإلى جانب ذلك، هل هو منصف دائمًا للنساء السمراوات بتصويرهن بأنهن الساحرات والجذابات والجنسيات؟
الموضوع طويل ومتشعب، لكن قصته بسيطة، وما أوردته هنا مقتبس من مقالة ترجمتها الناقدة البحرينية منصورة الجمري، لمقالة نشرتها صحيفة الغارديان، ونشرتها الجمري في مجلة أوان الإلكترونية.. هنا مقتطفات مختصرة بتصرف طفيف منها، وعنوان المقالة: “عناوين هوليوود.. هل ترهق (النسوية السوداء) وتسيء لها”؟
ظهور المصطلح
ظهر مصطلح “سحر الفتاة السوداء” أولاً عام 2013 على يد الكاتبة الأميركية من أصول إفريقية “كاشون ثومبسون” التي أرادت أن تحتفي بإنجازات النساء ذوات البشرة السمراء، في مقابل كل مشاعر العداء التي يواجهنها.
تقول “ميا ماسك”، أستاذة السينما في كلية فاسار في نيويورك في لقاء مع صحيفة الغارديان: “عبارة (سحر الفتاة السوداء) عبارة رائعة لأنها، وعبر كلمات قليلة، تعيد توجيه كل الفرضيات والأفكار الطبقية والعنصرية والمتحيزة جنسيًا حول النساء السوداوات والأجساد السوداء”.
إن مفهوم “سحر الفتاة السوداء” له جذور قديمة، وتقول: “أضع المفهوم في سياق الشاعرات ذوات البشرة السوداء اللواتي أرسين الأساس لغيرهن من النساء السوداوات، مايا أنجيلو على وجه الخصوص وقصيدتها Still I Rise التي تبدو وكأنها مهدت لكل هذا.”
وكان نشر موقع “boredpanda” للفنون صورًا لفنان تشكيلي يدعى “بيير جان لويس” من الولايات المتحدة الأميركية حول الشعر المجعد للنساء اللاتي يمتلكن بشرة سمراء ومن أصول إفريقية إلى مجرات فنية مذهلة.
وهدف هذا المشروع الذي حمل اسم “سحر الفتاة السوداء”، هو جعل النساء يفتخرن بتراثهن الإفريقي، ومعرفة وتقدير جمالهن الحقيقي.
«ميشيل أوباما» و«أوبرا وينفري»
السيدة الأولى السابقة “ميشيل أوباما”، هي من ينسب لها الفضل في نقل مفهوم “سحر الفتاة السوداء” إلى العالمية، موضحة “الانتشار الهائل لصور أوباما وهي منخرطة في النشاط الاجتماعي والسياسي كان بمثابة تغيير لقواعد اللعبة”.
وتقول “جايلين غولد” التي أمضت 30 عامًا في العمل الثقافي: “إذا كانت هناك عرابة تنثر سحر الفتاة السوداء، فهي أوبرا وينفري”، معلقة: “تتسع العدسة أخيرًا في صناعة تتجذر فيها قوة البيض”. حقيقة أن أوبرا ارتبطت مع المخرجة آفا دوفيرناي في فيلم .A Wrinkle in Time
هوليوود وأفلام السمراوات
أصبحت هوليوود وكأنها تعيش لحظات خاصة مع الفتيات ذوات البشرة السوداء، فغزت الشاشة وجوه جديدة، ثم امتد ذلك لوسائل التواصل الاجتماعي. خلق ذلك تحديات جديدة، للمروجين للحملة والقائمين عليها، وكذلك للنساء من ذوات البشرة السوداء اللواتي أصبحن فجأة في قلب تلك الحركة، سواء أكن أمام الكاميرا، أم خلفها.
أحد أبرز الأفلام التي أفرزتها تلك الحملة كان فيلم Hidden Figures “شخصيات مخفية” الذي بدأ عرضه في ديسمبر عام 2016، ويسرد القصة الحقيقية لثلاث عالمات أميركيات من أصول إفريقية لعبن دورًا محوريًا في وصول المركبات الفضائية الأميركية إلى مدار الأرض.
ثم تلاه في صيف عام 2017، الفيلم الكوميدي Girls Trip “رحلة فتيات”، ثم في 2018 الفيلم الذي يحمل الاسم نفسه Black Panther والذي قام ببطولته الممثل الراحل “شادويك بوسمان”، الأميركي من أصل إفريقي.
وهناك فيلم آخر من الأفلام التي روجت لسحر الفتاة السوداء، هو فيلم A Wrinkle in Time للمخرجة ذات البشرة السوداء “آفا دوفيرناي”، وهو من إنتاج شركة ديزني. ويبني الفيلم على هذه الصورة الإيجابية من خلال قصة فتاة مراهقة تدعى “ميج موري”، تسافر عبر الفضاء لإنقاذ والدها. وبينما تحاول الفتاة أن تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، تواجه مشكلة مبدئية تتمثل في عدم ثقتها بنفسها بسبب مظهرها الخارجي، وعلى الأخص شعرها المجعد. مع تطور أحداث القصة، تبدأ الفتاة في حب نفسها والاعتزاز بشكلها. رسالة الفيلم هذه كان لها صدى قوي لدى النساء ذوات البشرة السوداء، وعزز من مفهوم سحر الفتاة السوداء.