حبيب الشمري
المتابع لنشاط «هيئة الأفلام» خلال الشهرين الماضيين، يلحظ أهمية ورش العمل المتخصصة التي أطلقتها حول هذه الصناعة، من كونها لبِنَة مهمة في جدار صناعة السينما السعودية، فضلاً عن أهميتها للمشتغلين والمهتمين بالحقل السينمائي، على صعيد إبراز النقاط الإيجابية ومعالجة التحديات التي تواجههم.
لقد تنوعت ورش العمل التي نفذتها الهيئة بالشراكة مع موقع «سوليوود» السينمائي، في مدينة الرياض، بين دور قطاع الأفلام في دعم الاقتصاد المحلي، وهي النقطة المهمة التي أولت المملكة اهتمامًا خاصًا بها خلال السنوات الأخيرة، وجلبت خلالها نجوم هوليود إلى المملكة لتصوير أعمال قيَّمة، وفَّرت مئات فرص العمل محليًا، من خلال الاستعانة بمختصين في مجالات الصوت والضوء وغيرها من الشركات المحلية، مرورًا بحركة السياحة وحجوزات الفنادق، وصولاً إلى الاستعانة بفنانين سعوديين في أدوار سنوية.
وبعدما لاحظت ورش العمل فوائد هذا التوسع والتشجيع للوجهة السعودية سينمائيًا وسياحيًا، انتقلت للحديث عن أنواع سينمائية ذات طبيعة تنافسية، لاسيما سينما الطفل، والبحث في الفرص والتحديات أمام الإعلام السينمائي بالمملكة، والتركيز على الإنتاج السينمائي المشترك، في محاولة لإبراز سبل تجاوز التحديات التي تواجه القطاع، والحاجة لزيادة دمج قطاع الأفلام في سوق العمل. بيد أنّ النقطة المهمة الأخرى التي راعتها هذه الورش، هي مشاركة ليس فقط المتخصصين في السينما، ولكن المتقاطعين معها من جميع القطاعات الأخرى، سواء الاقتصاد أو التكنولوجيا وعلم الاجتماع.
وفي تقديري الشخصي أن هذه التجربة فرصة حقيقة أمام المجتمع السينمائي السعودي لمعرفة مواطن القوة للبناء عليها والضعف لمعالجتها خلال الفترة القادمة، في ظل الأهداف بعيدة المدى التي تضع المملكة في قمة المنافسة الإقليمية، باعتبارها واجهة سينمائية أولى في الشرق الأوسط. لقد استحقت هذه البادرة إشادة، ليس لكونها خلقت نقاشًا بنَّاءً فقط، ولكنها تتخطى ذلك لتعطي ملمحًا عن طرق تفكير المهتمين بالقطاع السينمائي السعودي، بشقيه الإنتاجي والإعلامي.
ختامًا، فإنّ الوقوف عند هذه الجهود المشكورة ليس من قبيل الإشادة وتسجيل الإعجاب بالفكرة بقدر ما هي دعوة لمبادرات أخرى تعطي زخمًا لصناعة السينما وترشد القائمين والمهتمين بالمجال لإنتاج محتوى منافس إقليميًا ودوليًا؛ في سياق الهدف الأشمل، وهو إيجاد مجتمع سينمائي محلي ذي صبغة خاصة تُميزه عن غيره، وتضعه في منافسة دائمة على منصات التتويج؛ كأحد محاور القوة الناعمة للبلد. لذلك يُنتظر أن يلقي القائمون على هذه الورش الضوء على المزيد من الموضوعات المهمة التي تحقق هذه الأهداف.