عمر البدوي
تبحث بعض التجارب السينمائية والأفلام السعودية الجديدة، عن موطئ قدم ثابت لها في خريطة المشهد الفني، وفي تدشين رحلة متطلعة للعمل في هذا المجال الواعد، الذي تُفتح له فضاءات جديدة في السعودية، هي محل ابتكار وأمل بصناعة تجربة سينمائية منافسة.
وراهنت بعض الأعمال الفنية التي صدرت أخيراً، على يد مخرجين ومنتجين شباب، على الحكايات المحلية، وعلى مخزون القصص الاجتماعية التي بقيت حبيسة سرديات شفهية، أمام مجتمع فني متطلع لاختبار تجربة السينما إنتاجاً وممارسة، بوصفها مرآة لرؤية المجتمع نفسه، وانعكاساً لتلويناته من الشاشة الكبيرة.
في الصّدد، قال المنتج فيصل الحربي، تُعد السينما من أهم النوافذ التي يرى فيها المجتمع نفسه، وهي حديثة بالنسبة للمجتمع السعودي، وفكرة أن تكون القصص الاجتماعية واحدة من محتويات الإنتاجات السعودية، مهمة لجذب الجمهور الذي يتعرف على نفسه عبر هذا الوسيط الجديد.
قدّم الحربي في أغسطس (آب) الماضي، فيلمه الذي يعرض لأول مرة «90 يوم»، وسلط من خلاله الضوء على سطوة بعض التقاليد المجتمعية على حالات الزواج. ويؤكد الحربي في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن المقاربة السينمائية الذكية والمبتكرة للموضوعات الاجتماعية، تمسّ إحساس الجمهور وتجاربه، وهو يستمتع بمنتجات تشبه تفاصيله غير المرئية، يشاهدها عبر نافذة السينما التي تلعب هنا دور المرآة، وتعكس ملامح المجتمع وتفاصيل حياته ومشكلاته ومشاعره وأفكاره ومتغيراته في مستوياتها المختلفة.
ويرى الحربي، أن السعي لتطوير القاعدة الجماهيرية للفيلم السعودي داخل مجتمعه، يحتاج إلى ثقة متبادلة بين صنّاع الأفلام والجمهور من المجتمع المحلي، وفتح نقاش مثمر وتناظري بين تطلعات الجمهور وإمكانات صناع السينما لهندسة التجربة بشكل عام، وبما ينعكس على نمو الحركة الإنتاجية، وأن تضاؤل شعبية الفيلم المحلي بين الجمهور كما نشهده اليوم، جاء نتيجة إخفاقات سابقة للإنتاجات الخليجية عموماً، تسببت في إحباط الجمهور؛ مشيراً إلى أن ذلك يتغير بشكل قد يكون بطيئاً، لكنه يتحرك باتجاه إعطاء فرصة للسينما والأفلام السعودية لخوض تجربة جديدة تعطي هذه المرحلة حقها في تلبية توقعات الجمهور.
من جهته، أفاد المخرج عبد المحسن المطيري، بأن السعودية مليئة بالقصص الجميلة والمتنوعة، سواء كانت في السياق التاريخي أو من خلال الجمالية في التنوع الثقافي والجغرافي، والسينما وسيلة مهمة لعكس هذا التنوع، وإبراز جوانب جميلة للمجتمع السعودي وتطلعاته بشكل متوافق مع «رؤية المملكة 2030».
وعن وجهة نظره الفنية، في الآلية الواعية بالتعامل مع هذا المخزون من الحكايات المحلية، أوضح المطيري، أن الأمر يعتمد على النصوص الناضجة أولاً، ودعم كتابة السيناريو؛ إذ إن كتابة القصص والنصوص والسيناريوهات، هي المحرك الأول لإلهام وإخراج هذا المخزون القصصي الهائل من الذاكرة والكتب والذكريات، إلى أرض الواقع والصورة البصرية، سواء بشقها السينمائي أو التلفزيوني والوثائقي.
ولفت المطيري إلى أهمية توفر البنية التحتية لصناعة الأفلام، من حيث المدن السينمائية والاستديوهات المتكاملة، التي تساهم بشكل فعّال في استمرارية الإنتاج وضمان سير عجلة السينما السعودية إلى النجاح والمنافسة.
ولفت المطيري إلى أهمية توفر البنية التحتية لصناعة الأفلام، من حيث المدن السينمائية والاستديوهات المتكاملة، التي تساهم بشكل فعّال في استمرارية الإنتاج وضمان سير عجلة السينما السعودية إلى النجاح والمنافسة.
وعن ظروف صناعة وتصوير وإنتاج فيلم داخل السعودية، قال المنتج فيصل الحربي «تخطو السعودية بثبات، وتحتاج تجربتها إلى وقت؛ لأن التجارب السينمائية التي ازدهرت من حولنا، استغرقت وقتاً كافياً حتى تستقر على شكل نهائي في موضوعاتها وأطروحاتها، وهذا ما نحتاج إليه في ظل الخطوات الكبيرة التي نشهدها في جميع المجالات الفنية، ومنها الصناعة السينمائية التي تحظى بتأهيل جيد لمهن ما خلف الكاميرا؛ إذ نواجه ندرة من الكوادر الوطنية، ونشهد اليوم عملية وطنية لتأهيل وتوفير كفاءات لكل المهن الدقيقة والضرورية للصناعة السينمائية، مثل الموسيقى التصويرية، وهندسة الصوت السينمائي، وتصميم الملابس، والماكياج السينمائي، وأنا متفائل بمستقبل الصناعة».
يُذكر، أن قرابة 40 متدرباً ومتدربة اجتازوا أخيراً، دورة في الإخراج السينمائي مع المخرج السينمائي توماس أبرامز، التي امتدت لأسبوع كامل ضمن برنامج صناع الأفلام، إحدى مبادرات هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة السعودية؛ وذلك لتطوير المواهب الوطنية في عدد من التخصصات والمهن المتصلة بصناعة السينما ودعم المستقبل الواعد للقطاع في المملكة.