سوليوود «متابعات»
تطمح المملكة العربية السعودية من خلال رؤية المملكة 2030، لأن تصبح واحدة من أفضل الأماكن للعيش والزيارة في العالم، فالاستثمارات الكبيرة في مجال الترفيه والثقافة تساعد في جعل هذا الطموح حقيقة واقعة.
إن المجتمع السعودي يتغير بسرعة، فأينما نظرت، تجد أدلة على الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط وتحسين نوعية الحياة لمواطني المملكة، بحسب ما ذكر مركز سمت للدراسات.
ومن سباق الجائزة الكبرى في المملكة العربية السعودية، ومباريات الملاكمة، والحفلات الموسيقية، إلى الوجهات السياحية ذات المستوى العالمي، يشهد الزوار والمقيمون ظهور مركز ثقافي جديد.
إن إحدى القوى الدافعة وراء هذا التحول هي الهيئة العامة للترفيه في البلاد، التي أنشأتها الحكومة في عام 2016 للإسهام في تحقيق رؤية المملكة 2030، وهي خارطة طريق طموحة لإعادة تصور المجتمع والاقتصاد في المملكة العربية السعودية.
لقد كانت إحدى المبادرات الأولى التي أطلقتها الهيئة هي موسم الرياض. إذ يستعرض هذا الحدث، الذي يستمر عادةً لمدة خمسة أشهر، المملكة العربية السعودية الحديثة من خلال مجموعة متنوعة من البرامج الترفيهية، التي تجمع بين فن الطهو والرياضة والمسرح والفن في عاصمة المملكة.
وربما يكون موسم الرياض، والمبادرات المماثلة، أكثر تمثيلاً مرئيًا للركيزة الرئيسية لـ«رؤية المملكة 2030»، وهي البرنامج الخاص بجودة الحياة، الذي يمثل خطوة تغيير في بلد لم يسمح، حتى وقت قريب نسبيًا، بعرض الأفلام أو الموسيقا في الأماكن العامة. إن الأمل يكمن في أنه من خلال إنشاء نظام بيئي يرعى المواهب المحلية، بالإضافة إلى إعطاء الأولوية للتحسينات في البنية التحتية المادية للمملكة، فإن برنامج جودة الحياة سيفتح الفرص للمواطنين والمقيمين والمستثمرين على حد سواء.
نجاحات ملحوظة
يبدو أن هذه الجهود باتت تحقق التأثير المطلوب؛ فمنذ أن نشرت الأمم المتحدة تقرير السعادة العالمي لعام 2016، صعدت المملكة العربية السعودية تسعة مراكز من المرتبة 34 إلى المرتبة 25؛ وهو ما يضع البلاد في مرتبة أعلى من إسبانيا (المرتبة 29) وإيطاليا (المرتبة 31) واليابان (المرتبة 54).
يعدُّ إشراك القطاع الخاص وسيلة أساسية تريد الحكومة من خلالها دفع التقدم. كما يلعب قادة الأعمال السعوديون مثل مشعل بن عميرة، الرئيس التنفيذي لمجموعة العثيم للاستثمار، دورًا مهمًا في تحسين نوعية الحياة في المملكة. وتهدف شركة العثيم للاستثمار، وهي شركة رائدة في السوق في مجال إنشاء وإدارة وتشغيل مراكز التسوق الكبيرة في المملكة، مع خمسين مليون زائر سنويًا لمجمعاتها، إلى إنشاء وجهات فريدة ومتعددة الاستخدامات تشمل العقارات السكنية والمطاعم والجذب السياحي ودور السينما.
يقول بن عميرة: «إن المملكة العربية السعودية تمهد الطريق لمشاريع ترفيهية طموحة ومثيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وإن شركة العثيم للاستثمار عازمة على تقديم تجارب تجزئة مبتكرة للمقيمين والزوار على حدٍ سواء».
لقد نجحت الشركة في المملكة العربية السعودية إلى حد كبير بفضل قيادة وأفكار الشيخ عبدالله العثيم الذي أسَّس الشركة. ويُعرف الشيخ عبدالله منذ فترة طويلة بأنه أحد رجال الأعمال الأكثر نجاحًا في العالم العربي، وكان رائدًا في صناعة التجزئة والترفيه في المملكة، وهي مهمة تستمر من خلال الشركة التي تحمل اسمه.
وفقًا لجريدة «عرب نيوز» Arab News، ستبلغ قيمة صناعة التجزئة المحلية السعودية 119 مليار دولار بحلول عام 2023، والمستهلكون السعوديون هم الذين يقودون تنويع تجارة التجزئة. فعلى وجه الخصوص، يساعد الشباب في تطوير العروض الترفيهية والثقافية في المملكة. وهذا ليس بالأمر المفاجئ بالنظر إلى أن ثلثي الشعب السعودي تقل أعمارهم عن 35 عامًا، وهم حريصون على إدراك إمكانات بلادهم.
ماذا يحمل المستقبل؟
لقد أصبحت المملكة العربية السعودية بالفعل موقعًا لتصوير أفلام هوليوود الرائجة، إذ تعمل «العلا»، وهي أول موقع تراث عالمي لليونسكو في المملكة، كموقع رئيسي لفيلم جيرارد بتلر «قندهار».
وبالمثل، فإن مدينة جدة الساحلية تعد موطنًا لمهرجان البحر الأحمر السينمائي، وهو أول مهرجان سينمائي دولي في المملكة العربية السعودية، الذي تم إطلاقه في الأصل في عام 2019. وبرئاسة الأمير بدر آل سعود، وزير الثقافة السعودي، سيعود الحدث في وقت لاحق من هذا العام من 1 إلى 10 ديسمبر 2022 في البلدة القديمة التاريخية بالمدينة. وقد شهد المهرجان العام الماضي 138 فيلمًا قصيرًا من 67 دولة بـ34 لغة، 27 منها من المملكة، وهو ما يعدُّ تمثيلاً مرئيًا للنهضة الثقافية الجارية هناك. إن وتيرة التغيير الأخيرة في المملكة العربية السعودية قد باتت ملحوظة. ففي عام 2018 فقط استضافت المملكة أول عرض فيلم حديث لها، وهو فيلم Marvel’s Black Panther، الذي يدور حول قائد شاب يفتح بلاده على العالم.
وبالتطلع إلى المستقبل، تسعى المملكة العربية السعودية لمواصلة ابتكارها وتصبح رائدة إقليمية ودولية في العديد من المجالات. وستلعب الشركات الخاصة، من خلال مبادرات «رؤية المملكة 2030» مثل برنامج جودة الحياة، دورًا أساسيًا في إظهار ما تقدمه المملكة. ومع ذلك، فإن المواطنين والمقيمين هم الذين يعتبرون المملكة العربية السعودية وطنهم الأكثر ربحًا. إنها قصتهم، وقصة المملكة العربية السعودية التي أعيد تصورها، والتي تحمل أكبر وعد.
المصدر: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات