عماد العباد
انطوت أخيراً قضية جوني ديب وطليقته بعد أسابيع من الجلسات الساخنة التي تابعها الملايين حول العالم. فاز نجم هوليوود بشكل ساحق ليغلق ملفاً أشغله لسنوات ولطخ سمعته بشكل كبير، مما جعل الكثير من المنتجين يحجمون عن التعامل معه. وبغض النظر عن تفاصيل القضية سأتناول ما حدث من منظور يركز على أهمية العلاقات العامة وكسب التعاطف المجتمعي، لحصد أكبر قدر ممكن من المكاسب.
المشاهير مثل جوني وآمبر لا يدخلون في معترك كهذا دون التحضير بشكل دقيق للظهور أمام الناس؛ خصوصاً في قضية يلعب فيها الرأي العام والعواطف البشرية دوراً محورياً. جوني بدا مستعداً بشكل أكثر بكثير من غريمته، تحركاته وكلماته وملابسه وتعابير وجهه، مدروسة بعناية. ومن الواضح أنه كان يتبع تعليمات وكالة علاقات عامة محترفة للظهور بشكل يضمن له أكبر قدر من التأثير في الرأي العام وهيئة المحلفين. كذلك فعلت طليقته آمبر، ولعلكم لاحظتم تسريحة شعرها خلال الجلسات الأخيرة والتي تشبه الطوق أو الـ»هالة» على رأسها، لتجعلها تبدو أشبه بالشكل التخيلي الغربي للملاك، أو إكليل السلام لدى الإغريق؛ وهي رسائل بصرية تحاول من خلالها تجسيد البراءة.
جوني في الجانب الآخر هو شخص محبوب من الجماهير، فهو كل ما يجسده الكابتن «جاك سبارو» بخفة ظله ولطفه، وباستثناء الدوامة التي أدخلته فيها طليقته؛ لم يُعرف عن جوني فضائح كبرى تجعل الجمهور يتحامل عليه، وبالتالي ظهر خلال المحاكمة بمظهر طفولي منكسر جعل وسائل التواصل الاجتماعي تشتعل انتصاراً له، كما أن وكالة العلاقات العامة على علم بمكر آمبر وانتهازيتها؛ إذ كان من الواضح أنها ستلعب بورقة النسوية والعنف ضد المرأة لتكسب شريحة النساء، لذا حرص فريق ديب على الدفع بمحامية مفوهة للواجهة، وتسليط الأضواء عليها لكي لا تكون المعركة محصورة بين رجل وامرأة، ولعلكم تذكرون سيل الأسئلة التي وجهتها تلك المحامية لطليقة جوني والتي تسببت في ارتباكها بشكل كبير وإظهار كذبها ومراوغتها.
ديب كان حريصاً على الالتزام بالنص الذي تم تدريبه عليه وتجنب الارتجال، كما كان يجيب على الأسئلة ببطء وروية، ولم ينس ديب الظهور بكامل أناقته وإبراز أسلوبه الخاص في اختيار الملابس التي تظهر وسامته الرجولية، وبالتالي أضاف عاملاً آخر لتكوين صورة ذهنية إيجابية عنه لدى شريحة كبيرة من متابعيه.
انتهت المحاكمة وانتصر جوني مدعوماً بالكثير من الأدلة والوقائع والبراهين، وخسرت غريمته الشرسة رغم محاولاتها المستميتة لاستعطاف الرأي العام، واليوم يعود نجم هوليوود للساحة مجدداً ليكمل مسيرة إبداعاته وهو يعلم تماماً أن الأرباح التي كسبها في تكوين صورة ذهنية إيجابية عنه خلال أيام المحاكمة العصيبة، أكبر بكثير من الخسائر التي تكبدها طوال السنوات الماضية، إذ سيفتح له هذا النصر فرصاً مضاعفة للإعلانات، وسيرتفع الأجر الذي يتقاضاه نظير أفلامه بشكل كبير، والفضل يعود في النهاية لاحترافية «العلاقات العامة».
المصدر: جريدة الرياض