سوليوود «متابعات»
قوبل مسلسل «براءة» الذي تبثه إحدى القنوات التلفزيونية التونسية الخاصة خلال شهر رمضان، بموجة من النقد والانتقاد نتيجة تناوله موضوع «الزواج العرفي» ببساطة بما اعتبر دعوة للتطبيع مع هذه الظاهرة الاجتماعية التي أبطلها قانون الأحوال الشخصية في تونس منذ سنة 1957، وبلغ الأمر إلى حد تصريح الرئيس التونسي بأنه يرفض الزواج العرفي في تونس وأنه لا مجال للمساس بحقوق المرأة، مضيفا أن الشعب التونسي لن يقبل مثل هذه الممارسات التي تجاوزها الزمن، حسب ما أوردت صحيفة الشرق الأوسط.
ولكن موقف بعض الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية كان أكثر حدة إذ اعتبرت راضية الجربي رئيسة المنظمة التونسية للمرأة، التي قابلت رئيس الجمهورية ونقلت عنه هذا الموقف، أن المسلسل قلل من شأن المرأة التونسية من خلال نشره لفكرة الزواج العرفي في دولة مدنية تمنع تعدد الزوجات وكل أشكال الزواج خارج مؤسسة العائلة… وطالبت بمتابعة قضائية لكل من يطرح مواضيع تهم المرأة بشكل يعرضها كبضاعة ووسيلة لإشباع الرغبات محذرة من تهوين المسألة والتعامل معها بسطحية حتى تصبح لدى عامة الناس أمرا عاديا وممارسة لا يشجبها أحد على حد تعبيرها… ودعت في المقابل إلى طرح نجاحات المرأة ونضالاتها بعيدا عن صور الاستغلال والمتاجرة بالأجساد.
وأظهرت الحلقة الثانية والثالثة من مسلسل «براءة»، و«ناس» بطل المسلسل الذي يؤدي دوره الممثل التونسي فتحي الهداوي يطلب الزواج من المعينة المنزلية التي يشغلها وعمرها لا يزيد على 18سنة كزوجة ثانية وأظهرته الحلقتان في ثوب المدافع بشراسة عن حقه الشرعي في الزواج العرفي وأن الشرع أحل له الزواج بأربع نساء ولا مانع من ذلك، وهو ما دفع إلى ردود فعل غاضبة من عدد من الأحزاب والمنظمات التي لم تجعل الموضوع يمر مرور الكرام وهاجمت الفكرة بضراوة.
وفي هذا الشان، أقرت نجوى الحيدري الناقدة السينمائية التونسية بوجود الزواج العرفي في الواقع التونسي وهو ممنوع من الناحية القانونية لكن المخالفات موجودة لكنها لم تصل إلى درجة الظاهرة الاجتماعية وبقيت محدودة على حد تعبيرها.
وأكدت أن خشية المنظمات والأحزاب من هذا الطرح الدرامي في التلفزيون التونسي قد تعود إلى أفكار يراد لها الانتشار عبر الدراما التي ترتفع أعداد مشاهديها خلال شهر رمضان خاصة وأن المسلسل الرمضاني يدفع في اتجاه التطبيع مع الزواج العرفي ولا يطرحه للمعالجة الدرامية والاجتماعية وهو سبب الإدانة الواسعة التي قوبل بها على ما يبدو… وترى الحيدري أن تقديم موضوع الزواج العرفي في الدراما وتبسيطه وتجميله قد يضر بالمجتمع التونسي الذي يمر بفترة هشة على جميع المستويات، على حد تعبيرها.
وتخشى التونسيات عودة عقلية سي السيد وسريانها في المجتمع التونسي، ومن مغامرات «الحاج متولي» وكثرة نسائه.
وفي السياق ذاته، يرى عدد من النقاد أن تناول موضوع الزواج العرفي في تونس يثير حساسية المنظمات النسائية التي تخشى من عودة أطراف سياسية للتسويق لهذه الظاهرة الاجتماعية ونشرها بين التونسيين بعلة تكاثر أعداد العازبات وارتفاع معدلات العمر خلال الزواج الاول وارتفاع كلفة الزواج، وقد يجد هؤلاء حلا سهلا من خلال إبرام عقود الزواج العرفي.