سوليوود «متابعات»
أسابيع قليلة تفصلنا عن شهر رمضان لتتضح ملامح خريطة الدراما الرمضانية التى يبدو أنها تخلت عن المسلسلات الدينية والتاريخية مع سبق الإصرار والترصد، مُكتفية بأعمال الدراما الاجتماعية والكوميديا الخفيفة، خصوصا بعد اختفاء دور ماسبيرو ممثلًا فى قطاع الإنتاج وشركة صوت القاهرة، عن إنتاج مثل هذا النوع من الدراما، مما جعل القطاع الخاص ينفرد بالأعمال الدرامية الخفيفة ذات الربح السريع والمضمون، وفقا لما اوردته جريدة أخبار اليوم.
كانت مصر زمان فى طليعة الدول العربية المهتمة بإنتاج المسلسلات التاريخية، منها مسلسلات محمد رسول الله، االوعد الحقب، عمر بن عبدالعزيز، عقبة بن نافع، موسى بن نصير وغيرها، وتقديم أهم أعمال عن شخصيات تاريخية فى الوطن العربى والإسلامي، والتليفزيون حافل بأعمال تعيد للأذهان حضور العمل التاريخى الذى اشتهرت به الدراما المصرية.
أسباب غياب المسلسلات الدينية والتاريخية فى رمضان 2022 وما قبله عديدة، أبرزها خلو الساحة الفنية من ممثلين كبار، ممن يجيدون الأدوار التاريخية والدينية، وأيضًا عدم وجود كتّاب سيناريو من الطراز الأول، كما أن الأعمال الدينية والتاريخية غير مربحة ولا تجلب الإعلانات بخلاف أن الشكل الكلاسيكى الهزيل للإنتاج الدينى أصبح مستهلكا وهو بحاجة للتطوير، وهو أمر غير متاح حاليا فى غياب نصوص جيدة، علاوة على عدم جرأة المؤلفين وكتّاب السيناريو للخوض فى قضايا دينية وتاريخية “محل جدل”.
تقول النجمة عفاف شعيب التى قامت ببطولة العديد من الأعمال الدينية والتاريخية: “أستغرب مما يحدث ولا أعرف لمصلحة من يتم فعل ذلك، المسلسلات الدينية تواجه عقبة حقيقية، ولا يوجد مسلسل دينى واحد يُعرض خلال رمضان هذا العام، رغم أن لدينا مؤلفين محترفين فى كتابة هذه النوعية من المسلسلات، ولدينا أيضا موضوعات عديدة تصلح لمئات بل آلاف المسلسلات، هذا إلى جانب وجود فنانين أكفاء يقومون بهذه النوعية من المسلسلات منذ سنوات ويحققون نجاحات كبيرة”، أضافت: المشكلة التى تواجه الأعمال الدينية هو أنه ليس هناك خطة لإنتاجها، فلدينا كتّاب أمثال محمد عبد القوى ويوسف الجندى ومصطفى إبراهيم وغيرهم لا يعملون حاليًا.
الفنانة مديحة حمدى التى اشتُهرت بتقديم الأعمال الدينية والتاريخية، وبرعت فيها ومنها “رسول الإنسانية، القضاء فى الإسلام، عمر بن عبد العزيز”، قالت إنها حزينة لغياب الدراما الدينية والتاريخية، مؤكدة ضرورة وجودها وبطريقة تتناسب مع العصر لأننا فى أحوج الظروف إلى تعليم الخلق والقدوة الحسنة وإعادة المثل العليا، وشددت على دور الدولة فى الإنتاج الدرامى لأنها تحمل مشعل الثقافة، كما ترى لعودة المسلسلات الدينية دور فى تهذيب الشباب، وهو ما يحتاجه المجتمع حالياً بعد سنوات من دراما المخدرات والأسلحة والألفاظ البذيئة، مشددة على ضرورة عودة قطاع التليفزيون الرسمي، للإنتاج مرة أخرى لتعود الدراما الدينية مرة أخرى للساحة.
الفنانة وفاء سالم التى قامت بدور البطولة فى مسلسلى هارون الرشيد، ومحمد رسول الله، قالت إن مصر كانت الرائدة فى المسلسلات الدينية والتاريخية وأصبحنا الآن نشاهد الدول العربية تقوم بإنتاج المسلسلات الدينية والتاريخية، مُضيفة: “مازلنا نتذكر الأعمال القديمة لعبد السلام أمين فهى قدوة للذى يشاهدها، لأن الدراما الدينية هدفها كبير وعظيم”، مُضيفة عندما قدمت شخصية الملكة بلقيس قرأت عنها فى كتب كثيرة حتى أُتقن الدور، وعندما عُرض المسلسل المشاهدون تعلموا من شخصية بلقيس، الأعمال التاريخية تقدم للمشاهد دروسا مستفادة.
الفنان حسن يوسف، قدم أكثر من مسلسل تاريخى وديني، منها اإمام الدعاةب، واالإمام المراغيب، واعبدالحليم محمودب، ورغم ذلك أرجع سبب عدم وجود مسلسلات دينية فى شهر رمضان إلى تراجع الإنتاج لأن تكلفتها الإنتاجية مرتفعة بالمقارنة بالأعمال الاجتماعية والكوميدية التى يقبل عليها الجمهور، كما أن الفضائيات العربية لم تعد تقبل على شراء هذه المسلسلات، مؤكداً أن التليفزيون المصرى تراجع تراجعا حادا فى إنتاج المسلسلات بصفة عامة والتاريخية والدينية بصفة خاصة، ولم يعد يهتم بها توفيراً لتكاليف إنتاجها، موضحاً أن المؤلفين لم يهتموا بالقراءة المتعمقة فى التاريخ، وكل مؤلف يستسهل فى الكتابة، وهذا ما يؤثر سلباً على مصداقية العمل.
المخرجة انعام محمد على، قالت إنه ليس هناك جهة مسئولة تضع الخطط لإنتاج الأعمال الدينية والتاريخية، لافتة إلى أن إنتاج المسلسلات الدينية سيُساعد على تجديد الخطاب الدينى فهى تغرس فى نفوس الشباب التنوير والتجديد، وأيضا ستحارب الإرهاب، كما أن المسلسل التاريخى يربط الإنسان بتاريخ وطنه.
وعن ابتعاد المنتجين عن إنتاج المسلسلات الدينية، قال المنتج أحمد الجابرى، لقد قدمت مسلسل عمرو بن العاص، وحاليًا أسعى لتنفيذ مشروعى “طومان باى”، و”أبو الحسن الشاذلى”، ولكن التسويق هو الذى يحكمنا، مُضيفًا “عزوف التسويق عن الأعمال الدينية جعل الأعمال الدينية متوقفة، فأنا كمنتج أجد صعوبة فى توزيع الأعمال الدينية والتاريخية، فمشكلتنا التوزيع، هذه النوعية من المسلسلات الآن ليس لها قبول عند الموزعين، والسوق هو الذى يحكم المنتج والممثل”.
الناقد طارق الشناوى، أرجع أزمة عدم وجود مسلسلات دينية أو تاريخية فى دراما رمضان إلى شقين، الأول أن الأعمال الدينية والتاريخية مكلفة جدًا والدولة كانت تنتج هذه الأعمال وتضع ميزانية ضخمة والآن الدولة تركت الإنتاج، أما الشق الثانى فهو أن المسلسلات الدينية فى الفترة الأخيرة فى العقد الأول من الألفية الثالثة كان مستواها ضعيفا، والدليل أننا قدمنا مسلسل الظاهر بيبرس، وسوريا أنتجت فى نفس التوقيت مسلسل بنفس العنوان، لكن سوريا أنتجت المسلسل أفضل منا، فالمسلسلات الدينية تحتاج إلى إنفاق وجهد، وسعينا لإنتاج مسلسل أحمس التاريخى وتوقف التصوير بسبب الأخطاء الشديدة فيه سواء فى الكتابة أو التصوير أو الإخراج.