سوليوود «متابعات»
قائمة طويلة من السعوديات اللاتي شجعهن الانفتاح الفني في المملكة، والاتجاه لتمكين المرأة المبدعة، على اقتحام مجال صناعة الأفلام في السنوات الأخيرة، كتابة وتمثيلاً وإخراجاً، ونجحن في إثبات مواهبهن بعدما أنجزن أفلاماً عبرت عن مجتمعهن، وطرحت قضايا المرأة العربية عموماً، والسعودية على وجه الخصوص، لتكشف تلك الأعمال عن مبدعات يملكن الموهبة والرؤية.
يأتي فيلم «قوارير» كأحدث التجارب في هذا المجال، والذي تحدثت صانعاته لصحيفة «الشرق الأوسط» عن كواليس ومراحل إنتاجه وظهوره للنور، حتى منافسته بمسابقة الأعمال الطويلة، بمهرجان أسوان لأفلام المرأة، بعد أن جاء عرضه الأول خلال الدورة الافتتاحية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي.
5 قصص، و5 أفلام داخل فيلم واحد، لكل منها حكاية مختلفة في مواجهة تحديات المجتمع، مثل قوانين الوصاية، وتخلي الآباء، والزواج بالإكراه، وترمل النساء، والتحرش، وقامت بإخراجه خمس مخرجات سعوديات، هن رغيد النهدي، ونورة المولد، وربى خفاجي، وفاطمة الحازمي، ونور الأمير. والفيلم من كتابة نورة المولد، وسارة مسفر، وفاطمة الحازمي، ونور الأمير، ومن بطولة الممثلات سلوى أحمد، ومنال أحمد، وخيرية أبو لبن، ورغد بالشرم، وفَي فؤاد.
عبر خمسة أبواب، تتوالى حكايات الفيلم الذي يحمل عنوان «قوارير»، ويشير إلى المرأة الرقيقة القابلة للكسر بسهولة، ليعكس من خلال ما يتناوله مدى قوة النساء وقدرتهن على التغلب على المواقف الحياتية الصعبة التي يواجهنها في المجتمع العربي، ويختص كل فيلم بحكاية تتعلق ببطلاته على اختلاف أعمارهن وظروفهن، لكن يجمعهن خط واحد، فهناك المراهقة التي تهرب من البيت لرفض والدها سفرها في رحلة مدرسية، والشابة التي تشعر بتحرش قريب لها، فيما تخشى أن تخبر أحداً من أسرتها لثقتهم فيه، والأرملة التي تشعر بحرمان عاطفي بعد وفاة زوجها، والفتاة التي أنهت دراستها وتطمح في العمل، لكنها تواجه برغبة أسرتها في تزويجها، وتتوالى القصص راصدة مشاكل اجتماعية في جرأة تخلو من المشاهد الخادشة، ليطرح عديداً من الأسئلة الشائكة والقضايا المسكوت عنها.
عرض الفيلم بالمهرجان مرتين، وأقيمت ندوة مع مخرجاته أدارها الناقد السينمائي أحمد شوقي، المستشار الفني للمهرجان، الذي أكد أن مشاهدته للعمل في عرضه الأول بمهرجان البحر الأحمر دفعه لاختياره ليشارك في مسابقة الأفلام الطويلة بمهرجان أسوان، أولاً لتميزه، وثانياً لكونه يطرح قضايا نسائية بعيون نساء.
ويجمع مخرجات الفيلم أيضاً، أنهن من الدفعات الأولى التي درست السينما بـ«جامعة عفت» وكان هذا الفيلم مشروع تخرجهن.
تشير نورة المولد لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تمويل الفيلم بدأ من خلالهن، وأن الجامعة دعمتهن وساعدتهن علي تطوير السيناريو، مؤكدة أن «الجامعة فوجئت بهذا الاختيار ثم وافقت عليه، وبدأنا في كتابة الفيلم قبل أربع سنوات، من خلال ورش الكتابة، وبدأ التمويل من خلالنا، ثم أعلن معمل البحر الأحمر عن دعمه للأفلام، فتقدمنا بمشروع العمل وحصل على دعم في مرحلة ما بعد الإنتاج»، وترى نورة المولد أن «قوارير» يعبر عن السينما السعودية الجديدة، ويعكس تقدم صناعة الأفلام في المملكة.
نور الأمير مخرجة وكاتبة «الباب الثاني» في الفيلم، تقول: «الحكاية تعكس رغبات دفينة للأرملة، وقدمته كرسالة غير مباشرة، ويعد هذا العمل هو الثاني لي في إخراج الأفلام القصيرة، بعدما شاركت في تجربة مماثلة في فيلم (بلوغ)، وأعمل حالياً على عمل قصير بعنوان (موعد حلم)، بدعم من معمل البحر الأحمر، وهو كوميدي يتناول حكاية امرأة في الثلاثين من عمرها تشعر أنها لم تعش فترة مراهقتها».
مشيرة إلى أنها تعتز بتجربة مهمة خاضتها أخيراً، وهي من خلال فيلم (كندهار)، وهو إنتاج سعودي مع هوليوود وتم تصويره بمدينة العلا، حيث عملت فيه مساعدة وأكسبها خبرة كبيرة.
أما ربى خفاجي التي تعمل محررة للعديد من الإعلانات والأفلام الطويلة، وهي مخرجة «الباب الرابع»، الذي تناول (قصة فتاة أنهت دراستها الثانوية وتبحث عن وظيفة، لكن أهلها يفرضون عليها الزواج)، تقول عن تجربتها: «بعد اختيار الفكرة، بدأت كل منا تطرح أفكارها وتصوراتها عن الفيلم، وتنوه ربى خفاجي بأنه لا بد من تقديم القضايا الاجتماعية بقوة»، وتضيف: «يجب أن نصنع أفلاماً تشبهنا وتمس مجتمعنا السعودي، خصوصاً عقب حظر طويل عانته المرأة، لذلك أجتهد في كل عمل على تقديم قضايا النساء في مجتمعنا».
وعن قضية التحرش التي طرحتها فاطمة الحازمي مخرجة وكاتبة «الباب الخامس» بالفيلم، تعلق قائلة: «أرصد قضية الجميع يخشاها لذا أتمنى أن يراه الجمهور، وكتبت الفكرة بمساعدة نور الأمير، واستغرقت مرحلة الكتابة ستة أشهر، بعدها قمنا بتصوير مشاهد الفيلم في بيت قمت باستئجاره».