هناء حجازي
أمضيت الأسبوع الماضي أتفرج على حلقات المسلسل الشهير آل سوبرانو بمواسمه الستة. لا يمكن أن أعتبر أنني كنت في غاية الاستمتاع، مشاهد العنف كعادتي حين أشاهدها كنت ألغي الصوت أو أسرع المقطع. هذا المسلسل أحد أشهر وأهم مسلسلات الجريمة المنظمة، وربما كان الأول. شاهدته لكي أفهم لماذا نال كل هذه الشهرة، ونبعت لدي عدة أسئلة، لا أعرف إجاباتها، متى بدأت الدراما تنتج أعمالاً تتناول حياة المجرم، وكيف يمكننا كمشاهدين ألا نتعاطف مع البطل المجرم مهما كانت كمية الفظاعات التي قام بها وهل هذا سيتسبب في خلخلة مفهوم المجرم لدينا. لماذا نحب مشاهدة هذه النوعية من الأعمال ونتفاعل معها، تثيرنا ولدرجة الهوس بها، وفقا لصحيفة الرياض.
تتذكرون رشاش، العمل السعودي الأول من هذا النوع. كمية التفاعل التي حدثت عند الجمهور السعودي كانت غير عادية. والسؤال الذي خلقه لدي هذا المسلسل بالإضافة لأعمال قديمة وحديثة كان أبطالها مجرمين، لماذا غالباً ما يكون المجرم بطل العمل، وسيما وذا كاريزما عالية وحضور طاغ. يعقوب الفرحان، آل باتشينو، كيليان مورفي، دينزل واشنطن.. والعديد العديد، بينما في أغلب الأحيان، المقابل، الذي يمثل الشرطة والأمن لا يكون بذات المواصفات. كيف يمكننا أن نتمنى أن يقع المجرم في قبضة العدالة، كيف يمكننا ألا نتعاطف مع الشكل الجميل والحضور الباذخ، هل يتعامل صناع الدراما مع الجريمة على أساس أنها نوع من الثورة والفنون دائما تشجع الثورات وتستلهم منها أعمالاً عظيمة، أم أن صناع هذا النوع من الأعمال يسعون فقط لإنتاج أعمال يقبل عليها الناس والنجاح فيها مضمون. أم أن المسألة خليط من الاثنين؟
تذكروا أنا هنا أسأل فقط، وهي أسئلة صادقة أطرحها عليكم في نفس الوقت الذي أطرحها على نفسي لأنني أبحث عن إجابة، لا أدين أحداً ولا أدعي معرفة، ويراودني سؤال آخر، لماذا نحب هذه الأعمال ونقبل عليها؟ ولماذا نتعاطف مع المجرم فيها مهما كان مستوى أدائه أو فنيته أو كاريزمته أو حبنا له قبل العمل؟ ما الخلل الذي فينا الذي يجعلنا نغض الطرف عن وحشيته وإجرامه ونتمنى له السلامة والهرب من القانون. حتى لو كان مجرد عمل فني؟ وأنا لا أدعي أنني لا أفعل ذلك معكم، ولذلك يربكني السؤال.
لماذا الأعمال التي تتحدث عن الشرطة أو القانون أقل إبهاراً وجاذبية. وحتى متى ستظل هوليوود وكل ما يمثلها في العالم تحتفي بالمجرم وتقدمه لنا بهذه المواصفات التي لا يمكن مقاومة فتنتها.