سوليوود «متابعات»
بعد حصوله على ثلاث جوائز من مهرجان «أفلام من السعودية» واختياره لافتتاح برنامج «ليالي السينما السعودية» في الدورة الأولى من مهرجان البحر الأحمر الماضي، ثم عرضه بنجاح في دور العرض بالسعودية، يحط فيلم «أربعون عاماً وليلة» على منصة «نتفليكس» ليصبح متاحاً أمام الجمهور العربي والأجنبي.
الفيلم الذي أخرجه الشاب محمد الهليل، كما قام بكتابته مع بشاير الصومالي، يشارك في بطولته عدد من نجوم التمثيل السعوديين، منهم: مشعل المطيري، وسناء بكر يونس، وخالد صقر، ورهف إبراهيم، وزارا البلوشي، وأسامة صالح، ومنصور آش، من إنتاج عبدالرحمن خوج، ورغد باجع، بمشاركة محطةART ودعم منحة إنتاج قيمتها نصف مليون دولار أمريكي من صندوق «تمهيد» التي يقدمها مهرجان البحر الأحمر.
تدور أحداث «أربعون عاماً وليلة» حول أسرة متوسطة مكونة من أب وأم وخمسة أبناء وبنات يتجمعون ليلة العيد لقضاء المناسبة سوياً، عندما يصلهم خبر إصابة الأب في حادث سيارة، وفي المستشفى يعلمون بأن والدهم متزوج من امرأة أخرى سراً، فتنقلب حياة الأسرة رأساً على عقب، وتتكشف أسرار أخرى يخفيها كل منهم عن الآخرين، فالأخ الأكبر كان يعلم بزواج أبيه منذ وقت طويل، وهو شخصياً منفصل عن زوجته منذ شهور من دون أن يخبر أحداً، أما الأخت المتزوجة، فحياتها الزوجية على وشك الانهيار أيضاً بسبب خيانة وسلوكيات زوجها السيئة.
فكرة الدراما التي تدور أثناء اجتماع أسرة أو مجموعة من الأصدقاء ذات ليلة ليست جديدة، وسبق تقديمها عشرات المرات في المسرح والسينما، ولكن المعالجات والتفاصيل هي التي يمكن أن تختلف، ويتميز «أربعون عاماً وليلة» في مختلف عناصره، بداية بمعالجته الدرامية المكتوبة جيداً، بطريقة تجذب انتباه المشاهد منذ اللحظة الأولى وحتى النهاية. يتميز الفيلم كذلك بتصويره الذي يخلق التوتر والفضول لدى المشاهد، والتمثيل الذي يتبارى فيه الجميع، في أداء سينمائي يعتمد على الإيحاء والاقتصاد في التعبير، وهو أداء يكمل الحوار بلغة الجسد والعيون. كذلك يتميز العمل بمناقشته لمشكلات اجتماعية عامة، ولكن تفاصيلها شديدة المحلية والواقعية. ومن العناصر الفنية الجيدة أيضاً الموسيقى التي ألفتها غيا الرشيدات والمونتاج، وكلا العنصرين يعطي للعمل إيقاعاً متدفقاً وتشويقاً، بالرغم من اعتماد الفيلم بالكامل على الحوار واقتصار أماكن تصويره على بيت العائلة مع مشهد واحد في المستشفى وآخر في الشارع.
«أربعون عاماً وليلة» هو نموذج إنتاجي جيد لصناع السينما الشباب، خاصة للمشغولين بتقليد السينما التجارية التي تحتوي على أكشن ورعب وعن
ف ومؤثرات بصرية وصوتية. وكلها عناصر غير مهمة إذا كان لديك قصة جيدة وسيناريو محكم البناء ومشاهد جيدة التتابع وحوار واقعي ودرامي مع فريق ممثلين موهوبين.
الفيلم هو أيضاً خطوة مهمة للسينما السعودية الوليدة وللسينما الخليجية بشكل عام، خاصة أنه ذو مواصفات عالمية.