سوليوود «متابعات»
كثيرة هي الأفلام الروائية والوثائقية التي تناولت تاريخ الحرب العالمية الثانية والحزب النازي في ألمانيا بزعامة «الفوهرر» أدولف هتلر الذي أطاح بأوروبا وكاد يحتل الاتحاد السوفيتي ووصل إلى أفريقيا من بين أماكن أخرى في العالم.
لكن فيلم Blood Money: Inside the Nazi Economy أو «المال الدموي: داخل اقتصاد النازي» هو عمل مختلف تماماً، حسب صحيفة الرؤية.
الفيلم الذي بدأت في بثه منصة Shahid VIP يبدأ بسؤال جوهري: في 1940 كانت ألمانيا بلداً ضعيفاً اقتصادياً وليس لديها مواد خام أو بترول أو مال تقريباً، فكيف استطاعت أن تغزو فرنسا وبلجيكا وهولندا وتستعد لغزو العالم؟
على مدار حلقتين بإجمالي ساعة ونصف تقريباً يحاول هذا العمل الوثائقي المكثف والممتلئ بالمعلومات والتفاصيل المثيرة أن يجيب على هذا السؤال اللغز، ويبين كيف بنت ألمانيا النازية اقتصاداً عسكرياً هائلاً من لا شيء تقريباً، عن طريق عدد من القرارات والحيل الاقتصادية بدأت على يد وزير الاقتصاد هيالمار شاخت الذي اخترع سندات وهمية.
قامت بموجب هذه السندات الحكومة الألمانية باستبدالها بالمال والمعدات لتمويل مصانع السلاح والدبابات والطائرات، ثم إقناع رجال الصناعة والأعمال الألمان بتمويل مشروعات الدولة مقابل الوعود بالتسديد، ودخول الدولة في كل أشكال الصناعة والزراعة ما قضى على البطالة ووفر فائض إنتاج ضخم تم توجيهه لمزيد من إنتاج السلاح.
ومع تأزم الأمر بسبب عدم الاعتدال في توجيه كل موارد الدولة للقوة العسكرية، استبدل هتلر شاخت بوزير عسكري، أصدر المزيد من قرارات التقشف وسيطرة الدولة على كل شيء، بما في ذلك الطعام الذي بات يوزع بحصص قليلة، إلى أن حانت اللحظة المناسبة التي كادت تنهار فيها كل الحيل والخدع الاقتصادية النازية، فبدأ الغزو ونهب الشعوب المحتلة وسرقة مواردها وكنوزها ومتاحفها.
الفيلم الذي أنتجته كل من شركتي «جوجوجو» و«أرتي» الفرنسيتين وأخرجه جيل رابير، يستعين بمواد أرشيفية مصورة وعدد من المؤرخين والمتخصصين في الاقتصاد من فرنسا وألمانيا، بجانب استخدام الرسوم البيانية والرسوم المتحركة، داخل سيناريو محكم البناء، وشرح مبسط ووافٍ.
وينجح الفيلم في تقديم وجه آخر لماكينة الحرب والدمار الألمانية من منظور اقتصادي، وهو فيلم ليس فقط مفيداً تاريخياً، ولكنه درس أيضاً في الاقتصاد لمن يرغب في فهم الآليات التي تستخدمها بعض الدول والكيانات الاقتصادية للإيهام والاحتيال أو لتجاوز عثراتها الاقتصادية أحياناً.