سوليوود «متابعات»
منصة نتفليكس Netflix تواجه خلال الفترة الأخيرة اتهامات حول محاولتها القضاء على دور العرض في العالم أجمع في ظل نجاح إحلال أنماط المشاهدة المنزلية للأفلام، بالتوازي مع ارتفاع ميزانيات إنتاج الأفلام وتكاليف التسويق، حسب ما ذكر موقع مصراوي.
رحلة نتفليكس إلى السيطرة على ما يشاهده الجمهور!
نشاط نتفليكس Netflix بدأ عام 1997، وتخصصت في تأجير وبيع الأقراص المدمجة DVD للأفلام والمسلسلات. وقرر ريد هاستنجز، تأسيس “نتفليكس”، عقب قيام أحد محلات تأجير الأفلام التابعة لشركة “بلوكباستر”، بفرض غرامة تأخير قدرها 40 دولاراً بسبب تأخيره لإعادة نسخة من فيلم “أبولو 13”. والمفارقة أن “بلوكباستر” التي غرمت “هاستنجز” ليقرر تأسيس “نتفليكس”، أصبحت في خبر كان بعد أن كانت تملك آلاف الفروع في الولايات المتحدة فقط.
وبعد مرور 10 سنوات على تأسيس نتفليكس، أعلنت الشركة التوجه للإنترنت. وفي 2013 أنتجت الموسم الأول لمسلسل House of cards، ومع نجاح التجربة قررت أن تخوض تجربة الإنتاج وتغيّر من استراتيجيتها التي كانت تعتمد على العرض فقط.
وفي عام 2017، أي بعد 20 عاما على تأسيس نتفليكس، أنتجت 21 فيلما، ووصل الرقم في 2021 إلى 90 فيلما خلال العام. وفي يناير 2021، تجاوز عدد المشتركين في Netflix الـ 200 مليون مستخدم حول العالم.
وفي 19 أكتوبر 2021، أعلنت Netflix، عن تحقيقها أرباح فاقت توقعات المحللين في الربع الثالث 2021، وجاءت ربحية السهم 3.19 دولار مقابل توقعات 2.56 دولار، وسجلت إيرادات بنحو 7.48 مليار دولار لتتفق مع التوقعات، في حين سجلت صافي إضافات المشتركين العالمية المدفوعة 4.4 مليون مشترك مقابل توقعات بنحو 3.84 مليون، مما يُظهر للمستثمرين أن المنصة يمكنها الاستمرار في جذب مشتركين جدد.
اتهامات موجهة لـ نتفليكس Netflix
مع هذا التوغل في صناعة السينما حول العالم من قبل نتفليكس والذي نعاصره؛ بدأت توجه لها اتهامات بمحاولة تدمير السينما العالمية. الآراء تباينت حول ذلك.
الكاتب جوش ديكي قال في مقالة له في أبريل 2017 نشرها موقع mashable، إن صناعة السينما التي استطاعت أن تصمد على مدار أكثر من 120 عاقا، تلقى الآن حتفها في غرفة المعيشة بمنازلنا، مؤكدا أن دور العرض السينمائي تموت بالبطيء، عن طريق مواقع بث الأفلام عن طريق الإنترنت، مشددا على أن دور العرض السينمائي لن تصمد أكثر من 10 إلى 15 عاما آخرين.
أما جيسون سكواير، المختص في شؤون السينما والأستاذ في الفنون السينمائية الأمريكية في كاليفورنيا، قال لوكالة الأنباء الألمانية “د.ب.أ”، سيتمبر 2018، إن التنبؤات التي تشير إلى انهيار السينما التقليدية ليست بجديدة، حيث كانت قد ظهرت مخاوف مماثلة خلال الفترة التي شهدت فيها أجهزة مسجلات الفيديو الرقمي رواجا، ثم لاحقا أيضا مع انتشار الإنترنت.
في حين أن دراسة تعود لأربعة أعوام مضت أجرتها الجمعية الأمريكية لأصحاب دور العرض السينمائي National Association of Theater Owners أظهرت أن الذين يترددون على دور العرض يشاهدون أيضا منصة “نتفليكس”، وهو ما يعني أن الاثنين يمكن أن يتعايشاء وأن أحدهما ليس بديلا عن الآخر.
وبالنسبة لرد نتفليكس Netflix على الاتهامات الموجهة لها، قارن المؤسس ريد هاستنجز في حوار لمجلة “هوليوود ريبورتر”، المنصة العالمية بتناول دجاجة مطبوخة في المنزل والذهاب لدار عرض بتناول الدجاجة في مطعم، قائلا: “المطاعم لم تطلب من الناس أن يمتنعوا عن الأكل في المنزل، أليس كذلك؟”.
الأرقام تشير إلى ثمة تأثير، فمع صعود أسهم نتفليكس Netflix ومنصات أخرى تبث الأفلام على الإنترنت، سجلت صناعة السينما الأمريكية في عام 2017 أدنى مبيعات منذ عام 1992، ولم تتمكن دور العرض من السيطرة على تراجع إجمالي الإيرادات بصورة أكبر، إلا من خلال رفع أسعار تذاكر دخولها، لتسجل بذلك إيرادات بقيمة 12ر11 مليار دولار. ولكن هل هذا مؤشر حقيقي؟
طارق الشناوي: الحل في يد السينما!
“مصراوي” هاتف الناقد الفني طارق الشناوي، وسألناه “هل تدمر نتفليكس السينما العالمية بالفعل خاصة وأن أرقام الإيرادات بسنوات مضت تشير إلى التراجع؟”، فأجاب: “إيرادات الأفلام تتفاوت، وليس معنى تراجع الإيرادات في عام أن ذلك يرجع إلى انتشار المنصات الإلكترونية، فيلم Spider-Man: No Way Home إيراداته عام 2021 مثلا تجاوزت مليار دولار أمريكي حول العالم.. كسر الدنيا.. وهو مثال حي بين أيدينا”.
وحول تعايش السينما والمنصات معا؛ يقول الشناوي: “السينما عليها أن تطور أدواتها أكثر، في اتجاهين، صناعة الفيلم، وعرض الفيلم، صناعة الفيلم من خلال تقنيات التصوير وغيرها، عرض الفيلم يتعلق بالشاشة نفسها في دور العرض بأن نقدم فيها شيء مختلف عن المنصات، مما يزيد من جاذبيات الأفلام، وحينها مهما يزيد عدد المنصات وأفلامها لن يستغنى الجمهور عن السينما، يفسر ذلك أن الذي بعض يدفع مثلا 500 جنيه، وهو رقم كبير بالنسبة للمواطن المصري العادي، لقضاء ليلة نمائية مع أسرته، في حين أن أفلام أخرى معروضة على المنصات الإلكترونية وبإمكانه مشاهدتها من المنزل”.
الشناوي يؤكد: “أرى أن نتفليكس والمنصات الأخرى هو دعوة للسينمائيين لكي يحسن أدواتهم بشكل أكبر، وينتجوا أفلاما أفضل لجمهور السينما، العالم عرف التليفزيون في الأربعينيات، وكان هناك خوفا على السينما آنذاك، الجمهور بإمكانه مشاهدة الفيلم في التليفزيون، فلماذا يذهب للسينما؟ رغم ذلك السينما استمرت، بتقوية عوامل الجذب لديها، وحدث ذلك أيضا مع ظهور الفيديو، هل الفيديو ضرب السينما؟ لم يحدث”.
يختتم: “التجارب السابقة أكدت أنه في أحيان كثيرة يكون العدوان الخارجي سببا للمحافظة على البقاء، وحتى في عالم النفس حينما يبحث الإنسان عن بقائه خوفا من عدو خارجي يكتشف قدرات غير عادية في نفسه.. فلنعتبر المنصات عدوانا خارجيا على السينما، صناعة السينما هي الإنسان الذي فوجئ بمحاولة العدوان عليه، فالحل أمام الصناعة أن تطور نفسها بقدرات غير عادية كي تواصل الاستمرار.. لو رجل عجوز مش بيقدر يمشي غير بصعوبة ولقى قطار جاي عليه هيجري وهيقفز زي محمد صلاح حتى ينجو.. السينما العالمية ستتحرك بقفزة”.
ماجدة خير الله: لا نتفليكس ولا غيرها هيدمر السينما!
أيضا وجهنا السؤال نفسه للناقدة ماجدة خير الله؛ فقالت: “نتفليكس تدمر السينما! كيف يمكن أن نقول أن المنصات عامة تدمر السينما ونحن الآن نرى إيرادات Spider-Man: No Way Home الضخمة مثلا! إيرادات مرعبة وأفلام أخرى أيضا أرقامها مدهشة، المنصات لم تؤثر على السينما ولن تؤثر الناس تعتبر الذهاب للسينما من أهم وسائل الترفيه في حياتهم”.
تضيف: “أفلام نتفليكس والمنصات الأخرى تنتمي لنوعية أعمال معينة، والأفلام التي تطرح في السينما نوعية أخرى، ولا يمكن أن نقول إن أفلام المنصات ذات تكاليف إنتاجية أقل، مثلا فيلم The Irishmam والذي عرض على نتفليكس عام 2019، تكاليفه الإنتاجية كانت ضخمة، كما أنه عرض في السينمات أيضا لفترة قبل عرضه على المنصة حتى يراه عدد أكبر من الجمهور في العالم”.
وحول تعايش السينما والمنصات معا؛ تقول خير الله: “أنا أرى أن المنصات وسيلة مساعدة للسينما، ليست كل الأفلام حينما تطرح في دور العرض ستنجح في حصد إيرادات، ولذا من الضروري أن يكون هناك وسائل أخرى لمشاهدة الأفلام مثل المنصات، مثلما كان يوما ما الفيديو والDVD، وحينها أيضا قيل إنه سيدمر السينما، ولم يحدث ذلك، وهو نفس ما قيل قبل ذلك بعد انتشار التليفزيون.. الناس بتحب تروح السينما مهما فعلت المنصات، لا نتفليكس ولا غيرها هيدمر السينما”.
وجاءت انطلاقة نتفليكس في مصر في شهر يناير 2016 كتواجد ترفيهي، قبل أن تبدأ في ديسمبر 2017 انطلاقتها إنتاجيا، وتتوفر خدمة بث Netflix في أكثر من 190 دولة.