سوليوود «متابعات»
في عام 2006 طُرح فيلم أميركي مهم بعنوان «Little Miss Sunshine»، أو «ملكة جمال أطفال صنشاين»، يروى قصة عائلة تعاني من التفكك الاجتماعي والضغوط الاقتصادية تشارك في مسابقة لاختيار ملكة جمال الأطفال عبر ابنتهم الطفلة الصغيرة، ولأن المسابقة تقام في ولاية كاليفورنيا، تضطر العائلة للسفر من ولاية نيو مكسيكو في رحلة برية بسيارة بسيطة عائلية، طراز «فولكس واجن»، نظراً لأن قدراتهم الاقتصادية لا تسمح لهم برفاهية التنقل عبر رحلة طيران تضمن لهم السرعة والرفاهية.
هذا الخط العام للحبكة في الفيلم الهوليوودي يتم استدعاؤه للذهن، مثيراً حالة من الجدل حالياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد طرح الفيلم «من أجل زيكو» مؤخراً بدور العرض المصرية المختلفة ضمن الموسم الشتوي، حيث توجد بعض أوجه الشبه القوية بين العملين، حسب صحيفة الشرق الأوسط.
في الشريط السينمائي المصري، ثمة أسرة تنتمي إلى عالم البسطاء والمهمشين تفاجأ بوجود فرصة لمشاركة ابنها زكريا الشهير بـ«زيكو» في مسابقة اختيار «أذكى طفل في مصر»، يعقد هذا الحدث البارز في واحة سيوة على الحدود الغربية للبلاد، فتبدأ رحلة التفكير في كيفية الوصول للمكان المنشود. المفارقة أن وسيلة الانتقال الوحيدة تتمثل في سيارة «تكريم الإنسان» حسب التوصيف الرسمي، أو سيارة «نقل الموتى» حسب التعبير الشعبي، التي يعمل الأب سائقاً عليها.
وكما هي الحال في النسخة الأميركية، تتحول المشاركة في المسابقة إلى حلم جماعي يراود الأسرة البسيطة، حيث ينطوي فوز ابنهم على مزايا مالية وعينية يتعشمون أن تنقلهم إلى حال أفضل. ليس فهذا فحسب، بل تجد جميع أفراد العائلة في هذا التحدي فرصة لاستعادة أحلام التحقق القديمة لدى كل منهم، من هنا يتبارى الكل في بذل كل ما يستطيع من دعم ونصيحة حتى تكلل جهودهم بالنجاح.
ولأن الرحلة من القاهرة إلى سيوة طويلة ومرهقة برياً (نحو 600 كيلومتر)، يفرد السيناريو الذي كتبه مصطفى حمدي، مساحة كبيرة إلى ما يمكن وصفه بـ«سينما الطريق» عبر مرور العائلة بسيارتها المضحكة بعدد من المفارقات والشخصيات غريبة الأطوار.
على سبيل المثال، حين يتم توقيف السيارة في نقطة تفتيش أمني، يطلب الضابط من الزوج الشاب (جسد شخصيته كريم محمود عبد العزيز) الاطلاع على رخص السيارة والقيادة، يبحث عنها الزوج فلا يجدها، ويصبح عصبياً، وهو يسأل زوجته أين وضعتها، فتجيبه بتلقائية شديدة: فوق التلفزيون، فيكون قراره الذي لن ينفذه: بمجرد عودتنا إلى القاهرة ستصلك ورقة طلاقك!
وفي مشهد أقرب إلى الفنتازيا، تلتقي العائلة بفتاة تم ضربها بـ«ساطور»، ولا تزال تلك الأداة الحادة العنيفة عالقة برأسها. يقتربون منها في توجس، فتستيقظ فجأة و«الساطور» لا يزال برأسها لتقوم بتعنيف الزوجة التي استخدمت كلمة «ولية»، وهي تتحدث عن الفتاة التي تشير في الأدبيات الشعبية إلى سيدة كبيرة سناً، متواضعة اجتماعياً!
وبينما يميل الفيلم الأميركي إلى نوعية «الدراما الاجتماعية»، يبدو نظيره المصري أقرب لروح الكوميديا التي تعتمد على الموقف الدرامي ومفارقاته الصارخة، وليس «الإفيهات» التي تم حشرها بهدف إضحاك الجمهور بصرف النظر عن الحبكة. اللافت أن الفيلم من إخراج بيتر ميمي، الذي عُرف في السنوات الأخيرة كصانع لأفلام ومسلسلات الحركة والإثارة مثل «حرب كرموز» و«كازبلانكا» و«الاختيار».
وكعادة السينما المصرية أخيراً، تم إطلاق أغنية ترويجية للفيلم هي «الغزالة رايقة» التي أداها صوتياً الطفل محمد أسامة، بمشاركة كريم محمود عبد العزيز، وجسدها بأدائه التمثيلي ضمن الأحداث الطفل «يوسف»، وحصدت ملايين المشاهدات بمجرد طرحها.
من جانبه، يؤكد الناقد الفني محمود عبد الشكور، أن مسألة اقتباس الفكرة الرئيسية في «من أجل زيكو» عن فيلم أميركي لم تكن مزعجة بالنسبة له، حيث إن أجزاء كثيرة من العمل ترتبط بتفاصيل الحياة المصرية، وكذلك الشخصيات التي يمكن أن نراها في الحارة الشعبية، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن ما أزعجه فعلاً هو عدم ذكر مصدر الاقتباس، سواء في عناوين الفيلم أو على «الأفيش»، مؤكداً أن الاقتباس في حد ذاته ليس عيباً، لكن العيب الحقيقي هو ألا نذكر مصدره.
ويرى عبد الشكور أن أبرز إيجابيات الفيلم تتمثل في تقديم نماذج إنسانية تحمل الطابع المحلي، تحديداً شخصية الزوجة التي لعبتها منة شلبي، كما أن الإطار العام للشريط السينمائي لم يكن هزلياً على طول الخط، وإنما كانت هناك مواقف كثيرة مؤثرة على المستوى الإنساني، وبها الكثير من الشجن، لافتاً إلى أن «منة» قدمت في الفيلم أحد أفضل أدوارها، سواء في المواقف الخفيفة أو في مشاهد مؤثرة، كما كان كريم محمود عبد العزيز، أيضاً، موفقاً للغاية، واتسم أداؤه بالبعد المبالغة أو «الاستظراف»، لأن الشخصية بسيطة، وتمثل نموذج الإنسان العادي الذي نراه في كل مكان. وعن سلبيات الفيلم يؤكد عبد الشكور أن أبرزها يتمثل في كثرة المصادفات التي تطفو كثيراً على سطح الأحداث دون مبرر واضح.