مارلين سلوم
كلما رفعت أي دراما عربية من سقف طموحها وتطورها، كلما ارتفع سقف التحدي في كل العالم العربي وصار لزاماً على كل منتج وصانع للدراما أن يواجه بإنتاج أفضل وعمل أقوى. كل منافسة شريفة تنعكس إيجاباً ونجاحاً على هذه الصناعة والشاشات التي تعرض الأعمال، وبالتالي يكون الشريك في هذا المكسب هو الجمهور.
حين ترفع السعودية من سقف الدراما التي تنتجها، وتكسر النمطية في طرح القضايا وتخرج عن إطار التلميح في تناول القضايا من بعيد لبعيد، وعن الجمود في الإخراج وفي حركة الممثلين، يصير للتحدي معنى أجمل وتتمكن هذه الدراما من حجز الجمهور لينتظر أعمالها الجديدة فيسارع إلى مشاهدتها بحب واستمتاع ويصفق لها.
يمكن القول إن السينما السعودية، سبقت الدراما بخطوات، تجرأت قبلها في كسر القوالب الجامدة في النصوص والرؤية الإخراجية والتصوير والتمثيل، ووصلت إلى العالمية بأفلام جيدة ومميزة؛ ولا أحد ينكر نجاح بعض المسلسلات خصوصاً في مجال الكوميديا، لكن الدراما السعودية اليوم مختلفة، جريئة، متحررة دون أن تسقط من حساباتها طبيعة مجتمعها وبيئتها. هي دراما تليق بالبلد المتطور الذي تمثله، والذي جعل الفن شأن آخر فيه.
من المسلسلات الناجحة والمميزة، «اختطاف» الذي سبق أن عرضته «إم بي سي» وهو من إنتاجها، وتعرضه حالياً على منصتها «شاهد». مختلف بكل معنى الكلمة سعودياً وعربياً. أماني السليمي، كاتبة المسلسل، قدمت قصة محبوكة جيداً، اختصرتها في 13 حلقة، أي بعيداً عن المط وتطويل الحلقات بلا دواعي درامية. قصة اختطاف فتاة اسمها لينا، ومن أسباب نجاح العمل أن السليمي ذهبت إلى تقديم أبعاد الحالة النفسية للمختطفة دون الاكتفاء بالتركيز على المرض النفسي الذي يعانيه الخاطف والعقد التي يحملها معه منذ طفولته.
لا شك أن الإخراج والتصوير لعبا دوراً مهماً في إنجاح هذا العمل الذي يتطلب خبرة في مجال الجريمة والغموض والتشويق.. ولذا تعتبر الاستعانة بالمخرج البريطاني العالمي مارك سليبيرز المتخصص في تقديم أفلام الجريمة والاختطاف، وبمدير التصوير الإيطالي المعروف بيتر لاكست، في محلها.
الورق والإخراج لا يكفيان بلا وجود ممثل بارع، فاهم، يملك حساً عالياً وموهبة بارزة كي يحوّل الكلام والفكرة إلى لحم ودم وحقيقة تتنقل على الشاشة فيصدقها الجمهور ويتفاعل معها. إلهام علي وخالد صقر ثنائي مميز جداً. لكل منهما ما يجعله مختلفاً ومقنعاً. إلهام علي قدمت 3 شخصيات في هذا العمل، تكاد لا تصدق أنها هي نفسها بدوري لينا المختطفة وشقيقتها خلود المتمردة المنطلقة، وهي نفسها طيف، الشبح الذي يحرض لينا على الهروب. ممثلة غيّرت بالأداء وبلغة الجسد والتعبير بالوجه والصوت عن كل شخصية، فيحتار المشاهد إن كانت هي فعلاً ممثلة واحدة أم أنهن ثلاث ممثلات متشابهات.
طبعاً الكاتبة تعمدت إحداث صدمة وجدل في نهاية المسلسل، وذهبت بذكاء بالاتجاه المعاكس لكل التوقعات.
المصدر/ صحيفة الخليج