عماد العباد
«لعبة الحبار» Squid Game هو مسلسل كوري أنتجته إحدى المنصات الشهيرة، وأصبح حديث العالم بعد أن بلغت مشاهداته قرابة الـ 140 مليونا، فيما تقدر تلك المنصة قيمته بحوالي 900 مليون دولار. تلك الشهرة الواسعة للمسلسل لم تكن فقط بسبب قصته المتقنة التي تعتمد على الإثارة وحبس الأنفاس والرغبة الملحة في معرفة مآل الأحداث، بل لأنه قدم معالجة جديدة تفضح الإنسان بشكل صادم أمام نفسه، حسب صحيفة الرياض
لن أتحدث عن قصة المسلسل بالتفصيل؛ لكن الفكرة تقوم حول مجموعة أشخاص يائسين يختارون الدخول في لعبة صممتها منظمة سرية تختار اللاعبين بعناية، أولئك الذين وصلوا إلى القاع، وأصبح خوض مثل هذه اللعبة بالنسبة لهم هو الخيار الأخير قبل إنهاء حياتهم.
أحداث المسلسل تأخذ المشاهد بشكل وحشي إلى تلك المناطق المعتمة في ذاته، وتكمن العبقرية في جعل المشاهد يتلبس شخصيات المسلسل ويفكر فيما لو كان مكانهم؛ هل سيتخذ نفس القرارات التي اتخذوها؟ والمرعب أنك تصل إلى نتائج مخيفة عن ذاتك تنزع عنك كل المبادئ الناعمة التي تظن أنها تحصنك، وتحمي غيرك منك.
«لعبة الحبار»، من الأعمال المؤذية نفسيا، ليس لبشاعة المشاهد التي يعرضها، بل لأنها تصل بالإنسان لمساحات لم يبخصها من قبل، وتحرضه على التفكير والتأمل في ذاته ورغباته ومخاوفه وما قد يصل إليه من همجية ووحشية ضد الآخر، في حال اضطراره للصراع من أجل البقاء.
الرمزية في العمل تحاول النيل من الرأسمالية، وكيف حولت المجتمعات والأفراد إلى مخلوقات مادية لعينة قد تفعل أي شيء مقابل المال، إلا أن شخوص المسلسل لم تكن تبحث عن المال كغاية وإنما كحل لمشاكل مختلفة تخلقت خلال رحلتهم مع الحياة، وبالتالي هو عمل هجائي يستهدف الحياة الحديثة نفسها والتي لا يمكن أن تستمر، وتواجه تحدياتها دون المال، فبطل المسلسل، مثلا اضطر للاشتراك في اللعبة، ليوفر مالا يعالج به مرض والدته، فيما تتنوع أسباب الشخوص الأخرى لتلتقي في نفس المبرر ولكن بسيناريوهات مختلفة تكشف عن الهيكل البشع الذي غطاه أسلوب حياتنا المادية بأردية مخملية.
وأخيرا، إذا كنت جاهزا لترى ذاتك بشكل مختلف، وإذا كنت تملك اللياقة النفسية الملائمة، فأنا أنصحك بمشاهدة المسلسل، لكن لا تركز كثيرا على الإسقاطات الرمزية التي يرميها كاتب العمل على الأثرياء والمتنفذين، وإنما على أبطال العمل، وفكر مع نفسك؛ هل كنت ستتخذ ذات القرارات التي اضطروا إلى اتخاذها؟