سوليوود «متابعات»
رغم إطلالة الفنان المصري فاروق فلوكس القصيرة التي تكاد أن تكون ثانوية في بعض الأحيان على شاشتي السينما والتلفزيون بجانب خشبة المسرح، فإنه استطاع خطف الأنظار بقوة، وترك بصمة مميزة في كل الأعمال التي شارك بها خلال نحو 60 عاماً، حتى كرّمه المهرجان القومي للمسرح المصري أخيراً في افتتاح دورته الرابعة عشرة، وأصدر كتاباً عنه يُلخص مشوار حياته بعنوان «فاروق فلوكس… ستون سنة فن وهندسة» للناقد والكاتب المصري يسري حسان.
ويقول حسان وفقا لصحيفة «الشرق الأوسط»: « الإعلام يهتم بنجوم الصف الأول فقط، فقد وجدت صعوبة في البحث عن معلومات أرشيفية عنه خلال إعدادي للكتاب، لكن بعد تواصلي معه وتكرار جلساتنا اكتشفت أسراراً لا يعرفها الكثير عنه، من بينها أنّ المواقع الإلكترونية حددت تاريخ ميلاده في عام 1940. لكنه ولد في عام 1937. حسب تأكيده».
وتحدث فلوكس المولود في حي عابدين بوسط القاهرة، في كتابه عن اقترابه من الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين عندما كان طفلاً صغيراً، إذ ذهب بالفعل إلى مقرهم وتلقى بعض التدريبات حتى اكتشف عدم اتساق أفكار التنظيم مع أفكاره، وانسحب مبكراً، وتطرق إلى اتجاهه لأن يكون حارساً للمرمى في إطار لعبة كرة القدم، لكن ضعف نظره حال دون تحقيق هذا الحلم.
ووفق حسان، فإنّ الفنان فاروق فلوكس تعثر في بدايات الفنية وفشل في بعض اختبارات التمثيل، فقد قال له أحمد البدوي أستاذ الإلقاء الشهير عندما قابله ذات مرة: «إذا كنت أنا لا أراك فكيف يراك الجمهور»، لأنّ مواصفات الممثل وقتئذ كانت تعتمد على طول بنيان الفنان، وكان فاروق صغير الحجم، لكنه انخرط في التمثيل بعد فترة بالصدفة عندما اختاره الفنان الراحل أبو بكر عزت من بين طلاب كلية الهندسة لتقديم دور صامت بمسرحية «خاتم سليمان» على خشبة مسرح «الأزبكية»، وحظي على إعجاب الجمهور، ليكتشف أنه ممثل جيد، لتبدأ رحلته من هذه النقطة.
وعن سبب اختيار «ستون سنة فن وهندسة» عنواناً لكتاب فاروق فلوكس، يقول حسان: «حرص الفنان فاروق فلوكس طوال السنوات الماضية على تحقيق التوازن بين عمله بالفن وهندسة الميكانيكا، لذلك اخترت هذا العنوان ليكون معبراً عن رحلته الطويلة في المجالين».
ويرى الناقد المصري أن وجه فلوكس المألوف وحجمه الصغير أعطاه مصداقية شديدة في الكثير من أدواره الكوميدية، مشيراً إلى أنه كان شجاعاً في قبوله تقديم بعض الأدوار التي يرفضها عادة الكثير من الممثلين على غرار دوره في فيلم «الراقصة والسياسي»، وسبب له هذا الدور بشكل خاص مشكلات عدة له في عمله، إذ نهره رئيسه بالعمل، وقال له لقد أسأت إلى مهنتنا، لكنه وضح له طبيعة العمل الفني وأقنعه بوجهة نظره، الأمر ذاته تكرر كذلك مع أبنائه، حيث سخر زملاؤهم منهم بعد عرض الفيلم، مما دفعه إلى الذهاب إلى المدرسة لشرح طبيعة عمله. ولفت حسان إلى أن الالتفات لهؤلاء الفنانين وتكريمهم في حياتهم أمر مهم جداً.
وقال فاروق فلوكس في ندوة تكريمه مساء أول من أمس بمهرجان القاهرة القومي للمسرح إن إطلالته بالبدلة البيضاء خلال حفل افتتاح مهرجان القومي للمسرح، كان يستعد لها منذ 10 أعوام، مضيفاً أنه كان يحدثها كل عام ويقول «هيكرّموني السنة دي وألبسها، لكنني كنت أفتح الدولاب وأقول لها حقك عليّ، وعندما أخبروني بتكريمي هذا العام فتحت الدولاب وقلت للبدلة البيضاء زغردي».
وقال فلوكس إنه لم يحصل من الفن على ثروة، ولكن ثروته الحقيقية تتمثل في امتلاكه ثلاث عمارات وهم أبناؤه، الفنان أحمد فلوكس، وابنتاه يُسر وهبة فلوكس، معتبراً إياهم أغلى شيء بالنسبة له، مؤكداً أن «المسرح يعطي الحب لمن يؤمن به، ولا يعطي الأموال، المسرح يعني العطاء، وليس به مكان للنفسنة بين الزملاء والأصدقاء». مشيراً إلى أنه يطمح للعودة للمسرح عبر فكرة تحمل اسم «انتظار عيد الميلاد»، ليختتم بها حياته. على حد تعبيره.
وعن عمله مع فؤاد المهندس، في مسرحية «سيدتي الجميلة» يقول: «أنا الفنان الوحيد الباقي على ظهر الحياة من بين فريق هذه المسرحية، وخلال مشاركتنا بها ابتكرت أنا وسيد زيان، بعض اللزمات الخاصة بالحركة والضحكة في المسرحية»، لافتاً: «بهجت قمر كان كاتباً من طراز نادر، ومبدع، وكان يكتب ويبدع في وسط الزحام».