سوليوود «متابعات»
لسنوات طويلة ظلت الدراما السعودية رازحة تحت وطأة الوهن الإنتاجي والفتور الفني، يعيبها الجودة على الأغلب وتلحقها سياط النقد في أحايين كثيرة، حتى أصابها ما يشبه الجمود والعطل، اضمحل حضورها على الشاشات والقنوات، وتوارى أبطالها عن أعين المشاهدين ومنصات العروض، عدا ثلة فرّت بفنها خارج الحدود لاستعادة بريقها المفقود وتواجدها على المشهد من جديد، في حين أن جيلاً فنياً جديداً وواعداً أعاقته الظروف المحبطة فنياً عن تطوير نفسه، وحالت بينه وبين قدرته على التموضع بقوة على خارطة الدراما، بسبب ضعف الفرص أو رداءة الإنتاج، باستثناء قلة نادرة من الأعمال الاستثنائية التي ظلت تذكر المشاهد السعودي بالدراما وسط زخم الإنتاج الخليجي والعربي، وفقًا لصحيفة عكاظ.
بيد أن تحولاً نوعياً شهدته الدراما السعودية في الأشهر الأخيرة على مستوى الجودة الإنتاجية والقيمة الفنية العالية، تمثل في المسلسلات التي أنتجتها المجموعة الإعلامية الرائدة MBC أخيراً، التي دفعت بعجلتها إلى مستوى متقدم وعلى نحو متسارع، عزز تفاؤل المهتمين بالفن السعودي تحديداً بوثبة منتظرة تواكب الحراك الثقافي والفني في بقية المجالات، مع التوجه الداعم للدراما السعودية الذي توليه المجموعة، ويشدد عليه رئيس مجلس إدارة مجموعة MBC الوليد آل إبراهيم الذي ما انفك يزيد مستوى القيمة الإنتاجية للدراما المحلية إلى حدٍ أدار معه أعناق المتابع العربي عامةً صوب الأعمال السعودية، ولفت الانتباه إلى أبطالها الواعدين والجدد بنقلة مختلفة من حيث تكاليف وجودة الإنتاج والمحتوى، علاوةً على تبنيه تطوير المواهب المحلية وصقلها أكاديمياً عبر «أكاديمية MBC» لتكون بمثابة حجر زاويةٍ في استقطاب الخامات الشابة في المملكة، والكشف عن قدراتها الكامنة، وإيجاد مساحة أكبر من الإبداع والريادة للمواهب المبدعة والخلاقة.
وثبةٌ نوعية وسقف مرتفع
يمكن القول إن مسلسلي «رشاش» و«اختطاف» اللذين فازا بمتابعة جماهيرية واسعة ليس على المستوى المحلي وحسب بل والعربي أيضاً، كانا مغامرة محسوبة ومدروسة كُتب لها النجاح، بالرهان على وجوه ليست من أبطال الصفوف الأولى ولا من نجوم الشباك الجماهيريين، وقُدّر للعملين أن ينجحا في نيل الإشادات، وأصبحا محل إشادة عدد كبير من النقاد الفنيين والإعلاميين في المملكة وخارجها، نتيجة التطور النوعي فيهما قياساً بما سبقهما، سواءً على مستوى الإنتاج أو الإخراج أو الانتقائية الذكية لقصتي العملين، وجراءتهما في تقديم حلقات قوية وبأسماء غير مألوفة باتت اليوم علامة بارزة في المشهد الدرامي.
وفيما تمكن «شاهد» المنصة الذكية من استمالة شريحة المشاهدين قبل شهر، وفرض مواعيده على «الترند» الجماهيري بحلقات مسلسل «رشاش»، عاد بقوة ليكرر ذلك بعمل «اختطاف» الذي برهن على أن سقف جودة الإنتاج خُطط لكي يكون مُرتفعاً في كافة الأعمال وبشكل متدرج ومدروس، وأن «رشاش» ليس إلا فتحاً جديداً في الدراما السعودية، يمهد لسلسلة من الأعمال القوية بينها «اختطاف»، الذي بقي حتى حلقته الأخيرة مثيراً للجدل والنقاش والاهتمام.
رشاش ولينا.. صَدام وصدمة
تصدر النجمان يعقوب الفرحان وإلهام علي المشهد في الفترة الماضية، يتوج جيلاً سعودياً عانى إرهاصات الخمول الفني والخذلان الإنتاجي في العقدين الماضيين، حتى أنصفهما في مرحلة متقدمة من مشوارهما الفني بعدما اصطدما بمطبات التعثر والتكرار التي عصفت بالكثير من المشاريع الفنية، وإن كان الفرحان قد غامر بخوض تجربة الشخصية الجدلية «رشاش» وتصديه بنجاح لموجات الهجوم المتوقعة، فإن إصرار إلهام على تقديم دورٍ فني جريء ومتعدد وبنهاية صادمة، منحها نجاحاً خاصاً فاض على العمل بأكمله، حتى أنها صرحت بأن نهاية المسلسل الصادمة وغير المتوقعة كانت سبباً في قبولها.
سقف جديد
وإن كانت مجموعة MBC العريقة قد أخذت بناصية التميز في هذا النوع من الإنتاج، يعظّمُ ذلك مسؤولية هيئة الإذاعة والتلفزيون في التماهي مع ذات السقف من الأعمال أو أعلى منه، بدعم الأعمال والمواهب والمشاريع الدرامية الطموحة، خصوصا في ظل التوجهات الجديدة لها في إعادة صياغة الإنتاج المرئي والمسموع لتحقيق التطلعات.